في الذّهن والموجود بالوجود الخارجي هو الصّورة ووجودها الخارجي عبارة عن قيامها بالنّفس فلم يصدق الوجودان على وجود شيء واحد فافهم ومنها الأمر الخارجي والأمر الذّهني والمراد بالأمر الخارجي هو الخارج عن مدلول الكلام سواء كان الخارج ظرفا لوجوده أو ظرفا لنفسه أو يكون الذّهن ظرفا لوجوده أو لنفسه وذلك لأنهم قد ذكروا أن الخبر ما لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه ولا ريب أن الخارج في مثل الحيوان جنس ليس ظرفا فالنّفس النّسبة ولا لوجودها فإن جنسيّة الحيوان موجود ذهني لأنّه من المعقولات الثّابتة وحينئذ فيكون نسبته إلى الحيوان من الأمور الّتي يكون الذّهن ظرفا لنفسها والأمر الخارجي بهذا المعنى مساوق للموجود النّفس الأمري على ما عرفت والمراد بالأمر الذّهني على ما ذكروا هو ما يتمثل منه الصّورة في الذّهن طابقته أو لا وهذا يساوق الموجود الخارجي بالمعنى السّابق وذلك لأنهم قد استدلوا على وضع الألفاظ للأمور الذّهنيّة بأن الشّبح الّذي يرى من البعيد قد يظن أنّه زيد فيطلق عليه زيد ثم يتبين أنّه عمرو فيطلق عليه عمرو فيختلف اسم الشّبح باختلاف صورته في الذّهن فإن هذا الكلام دال على أن الاسم إنّما هو لنفس الشّبح الّذي هو موجود خارجي وإلا لم يصح أن يقال يختلف اسم الشّبح ولقيل أنّه يختلف اسم الصّورة فافهم ومقابل الأمر الذّهني بهذا المعنى الأمر الخارجي بمعنى النّفس الأمري لأنّه لا يرى للتمثل والاعتقاد أثر بخلاف من يجعلها اسما للمتمثل كما سيظهر ومنها الماهيّة وهي ما يطلق على الشّيء لا باعتبار الوجود وإذا اعتبر معه الوجود سمي حقيقة فلا يطلق على ما هو عين الوجود كالواجب تعالى ولا على الذّوات المشخصة لأنّ التّشخص يساوق الوجود وقال بعض الأفاضل إنّ الماهيّة عبارة عن ذات الشّيء لا باعتبار الوجود سواء كان جزئيا أو كليا وهو مناف لما ذكروه من أن التّشخص يساوق الوجود لأنّ الجزئي عبارة عن الشّيء المتشخص فكيف يكون ماهيّة لا يعتبر فيه الوجود ولعله مبني على القول الآخر وبيان ذلك أنهم قد اختلفوا في أن التّشخص إنّما هو بالوجود أو لا بل هو بشيء نسبته إلى النّوع كنسبة الفصل إلى الجنس المحققون على الأول وجماعة على الثّاني ومرادهم أن التّشخص شيء إذا ضم إلى النّوع خرج عن الإبهام وصار قابلا لعروض الوجود كما أنّ الفصل إذا ضم إلى الجنس تم معناه وصار قابلا للتشخص فالتّشخص عندهم إنّما هو بالأعراض المكتنفة كالكم المخصوص والكيف الخاص وأمثالهما وعلى هذا فالفرد ينحل إلى ثلاثة أشياء نوع وتشخص ووجود والحق هو الأول لأنّ التّشخص يجب أن يكون بشيء متشخص بالذّات وإلا لزم التّسلسل وكل شيء سوى الوجود أمر كلي