العلم إذا ثبت ذلك تبين أنّ الطّلب شيء غير الإرادة وغير المحبوبيّة لكنه لا يصدر إلا بسبب سوق النّفس وميلها إلى الشّيء فينتفي الثّمرات المذكورة لأنّ الطّلب وإن لم يكن عين المحبوبيّة لكنهما متلازمان ولا يتصور محبوبيّة اجتماع الأمر والنّهي ولا التّكليف بالمحال وغيرهما من الأمور المذكورة فيجب أن يكون الطّلب في الأوامر الامتحانيّة الّتي تنسخ قبل حضور وقت العمل أو يعلم انعدام شرطه طلبا صوريا لم يستعمل في معناه على ما حققنا ولا يرد على ما ذكرنا أنّه يلزم كون الأمر إخبارا وذلك لأنّ الإلزام ليس موجودا قبل الأمر فالأمر هو الموجد له وليس لنسبة خارج تطابقه أو لا تطابقه ودلالته على محبوبيّة الفعل إنّما هو دلالة التزاميّة من مقدمات عقليّة وهو أن الإلزام لا يصدر من العاقل إلا مع كون الفعل محبوبا له فهو كدلالة قولك زيد قائم على أنك قصدت إسناد القيام إليه وعلى أنك عالم بذلك فهو من هذه الجهة ليس إخبارا بل هو من جهة أن لنسبة القيام إلى زيد خارجا جعل النّسبة في الكلام حاكية عنه وهذا ليس في الأمر فافهم إذا تحقق ما ذكرنا فنقول إن كون الفعل محبوبا أو مبغوضا دائر مدار المصالح والمفاسد ولا مدخليّة للعلم والجهل فيها وأمّا الإلزام فشرطه علم المخاطب بمحبوبيّة الفعل ومبغوضيّته والحاصل أن العالم بالعواقب إنّما يكلف الأشخاص الذين يعلم أنهم يصيرون عالمين بعد الطّلب فالدّور فيه مرتفع والجاهل بالعواقب يتصور عنوان من يتعقبه العلم بمحبوبيّة الفعل ومبغوضيّته ويلزمه فكل من دخل في هذا العنوان أي علم المحبوبيّة مثلا ولو من نفس ذلك الخطاب دخل في موضوع التّكليف وكشف ذلك عن كونه مكلفا حال الجهل بالنّسبة إلى زمان العلم هذا فيظهر الثّمرة بين القول بأخذ العلم في الموضوع له والقول بعدمه مع اشتراط التّكليف بالعلم في أمور منها ما إذا علم إجمالا بالتّكليف فيجب الاحتياط على الثّاني بناء على القول بكفاية العلم الإجمالي في جواز التّكليف ولا يجب على الأول ومنها ما إذا علم تفصيلا بثبوت التّكليف ولم يعلم الموضوع كالإناء المردد بين الخمريّة والغصبيّة فيحرم على الثّاني دون الأول ومنها في الإجزاء فإنّه إذا قال لا تصل مع النّجاسة فصلى الشّخص جاهلا بنجاسة ثوبه فعلى الأول يجزيه لأنّ مجهول النّجاسة ليس بنجس في الواقع فالصّلاة فيه محبوبة واقعا وعلى الثّاني لا لأن الصّلاة المبغوضة هي الصّلاة مع النّجاسة الواقعيّة والجهل بالنّجاسة يوجب عدم الإلزام على تركها فإذا ارتفع العذر وجب الامتثال ولا ينافي مبغوضيتها الإذن في فعلها بحسب الظّاهر لأن الشّارع أمر بالإتيان بها وفرضها الواقع ما دام جاهلا لمصالح اقتضت ذلك ولم يلزم التّصويب لتحقق الحكم وهو