في الإرادة دون الحكم كقولك زيد وعمرو يرفعان هذا الحجر إذا لم يقدر كل منهما منفردا على رفعه وقد اجتمعا في قولك أكرم زيدا وعمراً فافهم فلنرجع إلى ما كنا فيه ونقول قد توهم بعضهم أن مذهب السكاكي هو جواز استعمال المشترك في أكثر من المعنى بالطريق الرّابع بل أنّه مقتضى وضع المشترك فإنه قال المشترك كالقرء مثلا مفهومه أن لا يتجاوز الطّهر والحيض غير مجموع بينهما ما دام منتسبا إلى الوضعين فزعم التّفتازاني أن مراده أن المشترك لما وضع لكل واحد من المعنيين بوضع مستقل حصل من مجموع الوضعين وضع ضمني يحمل عليه اللّفظ عند عدم القرينة وهو المعنيان بطريق التّرديد فيكون المخاطب مخيرا في الامتثال بأيّهما شاء وهذا كلام ظاهر الفساد إذ لا وجه لحدوث الوضع الضّمني كما لا يخفى وليس ذلك مراد السّكاكي بل مراده بيان إجمال المشترك عند عدم القرينة فلا يجوز للمخاطب التّجاوز عن المعنيين ولا الجمع بينهما فالترديد إنّما هو للمخاطب لا أنّه ثابت واقعا وبالجملة لا ينبغي الإشكال في عدم جواز ذلك بطريق الحقيقة وهل يجوز مجازا أو لا محل كلام ومقتضى ظاهر النّظر عدم الجواز لأن المدار في التّجوز على العلاقة والتّرديد المأخوذ بين المعنيين معنى حرفي لا يجوز إرادته من الاسم إذ لا مناسبة بين المعنى الاسمي والحرفي ولا علاقة بينهما بوجه ولذا رد الأشاعرة في قولهم بأن المأمور به في الواجب التّخييري هو أحدهما الكلي بأن قولنا افعل هذا أو ذاك ليس فيه شيء صالح لأن يراد به الكلي المذكور فإن لفظ هذا أو ذاك لا ترديد فيهما وكلمة أو حرف لا يجوز أن يراد بها المعنى الاسمي وزعم بعض الأفاضل أن هذا غير معقول نظرا إلى أن التّرديد بين المعنيين ترديد بين الجزئيّين لأن كلا منهما نكرة والنّكرة جزئي مردد بمعنى أن لفظها موضوع للطبيعة وقد اعتبر معها الخصوصيّة المرددة والتّرديد بين الجزئيّين لا يمكن إلاّ بالنظر إلى القدر المشترك كما في النكرة فإن لوحظ القدر المشترك في المقام خرج عن محل الكلام وإلاّ لم يكن متعقلا وفيه نظر لأن التّرديد بين الجزئيّين يمكن بالنظر إلى الحكم الثّابت في الكلام كقولك ليكن ثوبك إمّا أسود أو أبيض وما الفرق بين هذا وقولك ليكن ثوبك إذا أريد به المعنيان بالترديد ولا يلزم من عدم النّظر إلى القدر المشترك تحقق التّرديد بين الجزئيّين حتى يكون غير معقول هذا وأمّا الاستعمال بالطريق الأوّل فلا يجوز حقيقة فإن مجموع المعنيين من حيث إنّه مجموع المعنيين غير موضوع له للّفظ قطعا نعم قد يفرض الوضع المستقل للمجموع فيكون حقيقة لكنه حينئذ يكون معنا ثالثا لا كلام فيه في المقام وأما الاستعمال مجازا فيظهر من بعضهم للمنع منه مطلقا ومن الآخر الجواز مطلقا وذكر بعضهم أنّه جائز إن وجدت العلاقة وهذا ظاهر إنّما الشّأن في تحقق العلاقة فنقول الّذي يظهر في المقام عدم تحقق العلاقة لأنها في المقام إمّا علاقة الكل