لفظ وقد مر أنّ دليل الحكمة قد يعتبر في الأوضاع لأجل كون العلة شيئا يعتبره الواضع في الأوضاع ولا ريب في أن الاحتياج إلى الاستعمال منها والثّالث حمل الماهية على اللّفظ وقد ذكرنا أنّ صحة الحمل من علامات الوضع كقوله عليهالسلام الوضوء غسلتان ومسحتان ونحوه والرّابع الاستقراء بالرجوع إلى أرباب الصّنائع فإنه يعلم به أن من كان له اصطلاحات خاصة فقد وضع في إفادتها ألفاظا مخصوصة فيظنّ من ذلك أنّ الشّارع أيضا قد وضع الألفاظ للمعاني المستحدثة والظّنّ الحاصل بالاستقراء حجة في باب الأوضاع لغوية كانت أو شرعية والخامس الإجماعات المنقولة في المقام فقد نقل السّيّد المرتضى الإجماع على وجوب حمل الألفاظ المستعملة في كلام الشّارع على المعاني المستحدثة سواء كانت مقترنة بالقرائن أو لا فإنه يدلّ على الوضع التّعييني إذ لولاه لم يمكن الحمل أما على القول بالوضع التّعيّني فلأن الحمل عليه فرع العلم بالتّاريخ وقد حكموا بوجوب الحمل كلية وأمّا على القول بالمجازية فلأنّ غاية الأمر أن يكون مجازا مشهورا وتقديم المجاز المشهور على الحقيقة محل الكلام فكيف يدعي الإجماع عليه في المقام والعجب من الفاضل الشّريف حيث سلم وجوب الحمل على المعاني المستحدثة للإجماع المذكور دون الوضع وذكر في وجهه أنّه إذا نظرت في كتاب ورأيت لفظا مستعملا في مواضع منه في معنى مخصوص تحمله في سائر مواضعه أيضا على ذلك المعنى بدون القرينة وإن لم يكن هناك وضع وبهذا أبطل الثّمرة الّتي ذكروها بين القول بثبوت الحقيقة الشّرعية ونفيها وأنّه يجب الحمل على المعنى الجديد بناء على الأوّل عند عدم القرينة والحمل على المعنى اللّغوي بناء على الثّاني وحاصل الرّد أنّه يجب الحمل على المعنى الشرعي إجماعا وفيه أنّ مشاهدة استعماله في موارد عديدة من الكتاب توجب حصول الظّنّ بأنّ بناء مصنفه في ذلك الكتاب على جعل ذلك اللّفظ علامة لذلك المعنى وهذا هو الوضع مع أنّ الشّريف رحمهالله يقول بتقديم المجاز المشهور على الحقيقة فيقال له إنّ غاية الأمر كون اللّفظ مجازا مشهورا إن لم يكن حقيقة فلم يفرق فيه بين الثّابت في الكتاب وبين المنطوق به حيث يحمل على المجاز في الأوّل دون الثّاني فتأمّل وأمّا المقام الثّالث فنقول مع الغضّ عن ثبوت الوضع التّعييني فلا شك في ثبوت الوضع التّعيّني للألفاظ الكثيرة الدّوران على ألسنة الشّارع وتابعية والشّكّ في ذلك كالشّكّ في البديهيات الأولية وقد ذكروا لإثبات الحقيقة الشّرعية بالوضع التّعييني يعني ثبوت الوضع في بدء الشّرع وجوها أخر لا بأس بالإشارة إليها منها ما ذكره في الفصول وحاصله أن بعض الألفاظ المتداولة كلفظ الصّلاة والزّكاة والحج قد كانت حقائق في معانيها قبل زمان الشّرع كقوله تعالى حكاية عن عيسى عليهالسلام وَأَوْصاني بالصَّلوةِ وَالزكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وأَذِّنْ في النّاسِ بِالحَجِّ فمفهوم اللّفظ كان ثابتا في الزّمان السّابق والنّسخ إنّما تعلّق بالمصاديق فإن مفهوم الصّلاة عبارة عن العمل الصّحيح المركب من الأجزاء المعهودة في الجملة