مثلا هذا المفهوم لا يتغير بتغير كيفية العمل فإنّ الكيفيّة قد تكون صحيحة فتدخل في مصداق المفهوم وقد تكون فاسدة فتخرج عن المصداق ولا يتغير المفهوم كما لا يتغير المفهوم نسخ كيفية العمل في شرعنا كما وقع في نسخ القبلة كالنّحاس يصير ذهبا ولا يوجب تغيير مفهوم النّحاس فهذه المفاهيم قد كانت ثابتة قبل الشّرع بمقتضى الآيات وحينئذ فإمّا أن يكون هذه الألفاظ أيضا ثابتة في السّابق أو لا وعلى الأول فثبوت المدعى وهو ثبوت الوضع في بدء الشّرع ظاهر وعلى الثّاني فنقول إنّ مقتضاه كون الآيات من قبيل النّقل بالمعنى فلا بد أن يكون بلفظ دال على ذلك المعنى فيعلم أنّ لفظ الصّلاة مثلا في الشّرع مما يدل على الماهية المخصوصة وذكر للدّلالة عليها والقرينة منتفية فثبت الوضع مضافا إلى أنّ مقتضى الفصاحة في النّقل بالمعنى نقل المعنى الحقيقي بالحقيقي والمجازي بالمجازي فنقل الماهية الّتي هي معنى حقيقي للّفظ الثّابت في الشّرع السّابق بلفظ الصّلاة يدل على أنها معنى حقيقي لها في شرعنا أيضا وهو المطلوب فتأمّل مضافا إلى أنّ اللّفظ الموضوع في الشّرائع السّابقة لو كان غير لفظ الصّلاة لنقل ولا أقل من نقل اللّفظ الموضوع لها في زمان الجاهلية أو في زمان عيسى عليهالسلام في لسان العرب ولم ينقل فيعلم أنّ لفظ الصّلاة هو الموضوع لها في السّابق أيضا وهذا وجه وجيه ومنها التّبادر وليس المراد به التّبادر في عرف زماننا هذا لأنّه إمّا يراد به إثبات الوضع في زمان الشّارع بدون ضميمة أصالة عدم النّقل فباطل إذ التّبادر عند عرف علامة الوضع عند ذلك العرف دون غيره وإمّا يتمسك بأصالة عدم النّقل وهي لا تجري فيما تحقق النّقل فيه كغير لفظ الصّلاة والزّكاة والحج لإمكان القول بثبوت المذكورات في اللّغة أيضا أعني قبل زمان الشّارع كما ذكرنا أمّا غيرها فالنقل فيه محرز والشّكّ إنّما هو في ابتدائه فهو مجرى أصالة تأخر الحادث بل المراد التّبادر في عرف الشّارع ومن تبعه ويعلم ذلك من مراجعة الأخبار وغيرها مما يعلم منه سبق الخاصة من لفظ الصّلاة مثلا إلى أذهان المتشرعة الموجودين في زمن الشّارع وما بعده فافهم احتج النّافون بالأصل يعني أصالة عدم النّقل ويعلم جوابه بعد التّأمّل فيما ذكرنا بقي الكلام في بيان ما يترتّب على هذا النّزاع من الثّمرات فنقول ذكر الشّريف ره في بيان الثّمرة أنّه قيل بالوضع التّعييني وجب حمل الألفاظ المستعملة في لسان الشّرع خالية عن القرينة على المعاني الشّرعية وإن قيل بنفي الوضع رأسا تجب وجب حملها على المعنى اللّغوي وإن قيل بالوضع التّعييني فإن كان التّاريخ معلوما في الوضع والاستعمال فلا إشكال إذ يحمل على اللّغوي عند تقدم تاريخ الاستعمال وعلى الشّرعي عند تأخره وإن جهل أحدهما وعلم الآخر حكم بتأخر