بل من بديهيّات الدين ، ذلك وأنّه لو كان مؤنة تستثنى ، فمئونة الغلّات.
فظهر ممّا ذكر وجه اشتراط الأكثر ، وضع المؤن كلّها ، مضافا إلى عدم القول بالفصل ، وأنّه ربّما يظهر من الأخبار أنّ مطالبة المكلّف بالزكاة بعد ما أعطاه الله من فضله وإحسانه ، وأحسن إليه بالإعطاء مجّانا ، ومحاباة ما زاد عن قدر الزكاة بأربعين أو بعشرين أو بعشرة من غير معاوضة ، أو خسارة بالقدر الذي يوازنه ، أو يزيد عليه ، إذ ربّما يخرج على الزرع أزيد ممّا حصل له منه ، فتكون الزكاة حينئذ خسارة فوق خسارة.
وفي الخبر : «أنّ ما أخذه بنو اميّة فاحتسبوا به من الزكاة ولا تعطوهم ما استطعتم ، فإنّ المال لا يبقى على هذا أن تزكّيه مرّتين» (١).
وفي كصحيحة ابن مسلم عن الصادق عليهالسلام : إنّه يترك للحارس العذق والعذقان ، فإنّه في النخل ينظره فيترك ذلك له (٢) ، ولم يقل أحد بالفصل.
وإن قيل : إنّ الكلّ قالوا باستثناء ذلك. لكن لا بدّ من ملاحظة كلامهم والتأمّل ، لأنّ ما ذكر منهم ليس كذلك ، فتأمّل! وكذا مضافا إلى ما سنذكر عن «المنتهى».
ولم ارد أنّ كلّ واحد من المشهور استند على مجموع ما ذكرنا ، بل أردت أنّ منهم من استند إلى «الفقه الرضوي» صريحا ، ومنهم من استند إلى غيره كالعلّامة في «المنتهى» (٣) ، ومنهم من اقتصر على ما ذكره فتواه (٤) ، من غير تصريح بأنّ
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥٤٣ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ٣٩ الحديث ٩٩ ، الاستبصار : ٢ / ٢٧ الحديث ٧٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٥٢ الحديث ١١٩٥٤ مع اختلاف يسير.
(٢) الكافي : ٣ / ٥١٤ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ١٨ الحديث ٤٧ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٧٦ الحديث ١١٧٧٤ نقل بالمضمون.
(٣) منتهى المطلب : ١ / ٥٠٠ ط. ق.
(٤) السرائر : ١ / ٤٣٤ ، شرائع الإسلام : ١ / ١٥٣ و ١٥٤.