والدلالة منجبرة بما ذكرنا ، مع أنّ الراوي كان متحيّرا في الجواز وعدمه ، لا الكراهة أو المرجوحية وعدمها ، ولم يسأل إلّا عن الأوّل ، وأراد إزالة حيرته فيه خاصّة.
وعدم مطابقة الجواب للسؤال فيه ما فيه ، فمن قرينة المطابقة يظهر اختيار عدم الجواز في الجواب ، ولذا عدل عليهالسلام عن لفظ «الفطرة» بلفظ «الزكاة».
مع أنّ السائل لم يذكر إلّا الفطرة ، إشارة منه عليهالسلام إلى أنّ الفطرة أيضا زكاة ، ولا ينبغي لك أن تعطي زكاتك إلّا مؤمنا ، والزكاة غير منحصرة في الفطرة بلا شبهة.
مع أنّ إضافة الفطرة إلى «الكاف» ، ربّما توهم خصوص فطرة المخاطب لا فطرة عياله أيضا ، فإسقاط لفظ «الكاف» أنسب ، بأن يقول : «لا تعطي الفطرة إلّا مؤمنا» فتأمّل!
وبالجملة ؛ بملاحظة جميع ما ذكر يظهر ما ذكرنا ، من أنّه منع ، وأنّ الراوي لم يفهم منه الجواز البتة ، بأنّه زال حيرته بفهم خصوص الجواز.
مع ملاحظة أنّه سأل عن فطرته وفطرة عياله ، هل يجوز أن يعطيها من لم يكن مؤمنا؟ ورأى أنّ المعصوم عليهالسلام بدّل لفظ «الفطرة» بالزكاة ، وغيّر العبارة والاسلوب أيضا ، والزكاة إلى خصوص المخاطب ، وقال : «لا ينبغي» لك ـ مع كونك من الشيعة ـ «أن تعطي زكاتك» إلّا الشيعة ، فتأمّل في جميع ما ذكرناه هنا وسابقا ، فإنّ أخبارهم يكشف بعضها عن بعض فتأمّل!
مع أنّ من قال بالجواز منّا ، إنّما يقول بالجواز مع عدم الشيعة لا مطلقا ، إذ في «الذخيرة» بعد ما نقل عن الأكثر أنّهم منعوا ، قال : وذهب الشيخ وأتباعه إلى جواز دفعها مع عدم المؤمن إلى المستضعف (١) ، وأدلّتهم التي استدلّوا بها أيضا
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٤٧٠ ، لاحظ! الاستبصار : ٢ / ٥١ ذيل الحديث ١٧٢ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٩٢ المبسوط : ١ / ٢٤٢ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٤ / ٢٧١.