مع أنّ المقام ؛ مقام شدّة الحاجة ، وعموم البلوى من جميع الناس المالكين ، والآخذين من جميع العالمين في جميع الأعصار والأمصار ، وليس للعرف ميزان يقينا ، مع أنّه لا طريق له في نفس الأحكام الشرعيّة ، وكذا لا طريق للعقل.
ولو كان ؛ فهو الذي أفتى به الأصحاب خبيرين ماهرين مطّلعين ، من أنّ العبرة عند أرباب العقول ملاحظة خصوص السنة في المقامات.
والحاصل ؛ أنّه بديهي عدم طريقة من العرف ، أو القول في غير ما ذكره الفقهاء ، بل وعدم الإمكان منهما في غيره.
مع أنّ العمومات الظاهرة في اعتبار فعليّة الحاجة والخلّة ، خرج منها غير المالك لمئونة السنة بالإجماع البسيط أو المركّب وبقي الباقي.
مع أنّ الفقير لا يخرج بمجرّد ذلك من كونه فقيرا حقيقة ، وفي صدر الحاجة ، كما أنّ الغني بالعكس ، مع أنّ مالك هذه المئونة في غاية البعد عن تلك العمومات.
وأمّا الأخبار الواردة في أنّ من قدر على الكسب ، أو الصنعة بنحو يقدر على جميع مئونته فلا يحلّ له ، أو بنحو لا يقدر على الجميع فيحلّ له (١) ، وردت تنبيها على عدم اشتراط فعليّة الغنى ، بل القدرة كافية ، وأنّه وإن لم يقدر على تحصيل جميع المؤن يحلّ له الزكاة ، كما سيجيء تفصيله ، ولا يجب عليه صرف ما يكتسب به حتّى يصير فقيرا بالمرّة ، كما سيجيء أيضا ، فلا تنافي ما ذكر إن لم تؤيّد وتقتضي ، لما عرفت من أنّ المتبادر من المئونة في أمثال المقام مئونة السنة ، وأنّه لا محيص عن اعتباره وغير ذلك ، ولما ستعرف أيضا.
وبالجملة ؛ ليس في الأخبار ما يدلّ على اشتراط الكسب والصنعة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٣١ الباب ٨ من أبواب المستحقّين للزكاة.