آيس من نفسه ، فلما دخل على الأمير الشيخ حسن أوصل الاعتذار فأظهر الأمير الشيخ حسن القبول منه وطالبه بأموال البلاد في المدة التي حكم فيها وهي قريب من ثماني سنوات أو أزيد ، فأجاب بأنّه أنفقها. فعذّب تعذيبا فاحشا حتى كان يملأ الطشت من الجمر ويوضع على صدره فكان لا يجيب إلاّ : إني انفقت بعضها عند بعض الناس ودفنت بعضها في الأرض ، لا يزيد على ذلك ، فأراد الشيخ حسن إطلاقه فحذّره بعض خواص الشريف فاحتال في قتله بأن جاؤا بالأمير أبي بكر بن كنجاية ، وكان الشريف قد قتل أباه الأمير محمد بن كنجاية واعترف بالقتل وكان قتله في بعض حروبه ، فأمر أبا بكر أن يقتله قصاصا بأبيه فاستعفى فلم يعف فضرب عنق الشريف بسبع ضربات ثم حمل الى داره فغسل وذهب الشيخ حسن بنفسه وأمرائه فصلّى عليه ودفن في داره ثم نقل الى المشهد الغروي ، وانقطعت قافلة العراق عن الحجّ مدة حياة الشريف رميثة ، فلما توفي وملك ابنه عز الدين أبو سريع عجلان احتال بعض الاتباع وأولاد مولديهم وهو حسن بن تركي وكان شهما جلدا ؛ وتقبّل بالسعي في الصلح واستصحب الشيخ سراج الدين عمر بن علي القزويني المحدّث وتوجها الى الشام ثم مضيا مع قافلة الشام الى الحجاز ، وهكذا كان يحجّ من أراد الحج من العراق في تلك المدة ، فلما ورد الحجاز تكلما في الصلح فأجابهما السيد عجلان الى ما أرادا ، وأرسل معهما ابنه خرصا الى بغداد وصحبهم من كان قد حجّ من أهل العراق على طريق الشام ؛ فلما وصل السيد خرص بن عجلان الى الشيخ حسن اكرمه إكراما يتجاوز الوصف وبذل له ما كان قد تقرّر عليه الصلح من الأموال ، وما كان قد اجتمع من الأوقاف المكية في تلك المدة وهي سبع سنوات. وأضاف الى ذلك أشياء اخر ، وكان للشريف أحمد إبنان هما أحمد ومحمود فقرّر لهما من مال الحلة في كلّ سنة مبلغ عشرين ألف دينار تحمل اليهما في كلّ سنة الى الحجاز ، ولم تزل مستمرة يأخذها محمود وأحمد وفيهما يقول الشاعر :