وسيجيء أنّه نجاسة كلّ ما لا يتمّ الصلاة فيه ، فالعفو أيضا كذلك ، مع أنّه إذا كان مع لبسه في الصلاة معفوّا عنه ، فمع عدم اللبس لعلّه بطريق أولى.
ولذا حكم غير واحد من المحقّقين بعدم ناقضيّة نجاسة غير الثياب الملبوسة ، أيّ نجاسة كانت بالنظر إلى الأخبار والإجماع والأصل ، وأفتى به مطلقا (١).
وبالجملة ؛ الأصحاب كما لم يستثنوا البدن ، لم يستثنوا غير الثوب ممّا يمنع عن الصلاة نجاسته.
وأمّا ما لا يتمّ فيه ، فسيجيء العفو عن كلّ نجاسة فيه ، مع أنّه لو كان الحكم منوطا بالمشقّة لم يكن فرق بين الثوب والبدن وغيرهما ، ولا بين هذه النجاسة وغيرها ، وفيه ما فيه ، والظاهر أنّ مراده من المشقّة ؛ مشقّة الإزالة بالغسل ونحوه ، وإن كانت سهلة ، يعني خصوص هذا القدر القليل من التعب.
واحتمال أن يكون مراده عدم لزوم هذا القدر من التعب للإزالة ، لا أنّ المكلّف يصلّي مع هذا الدم بأن يختار أخذه معه في الصلاة عبثا ولغوا ، فيكون ثوبه الملبوس أيضا ـ إذا كان لبسه عبثا لغوا ـ حكمه حكم غير الملبوس.
الخامس : قال العلّامة في «المنتهى» : لو تنجس الرطب الطاهر بالدم ، ثمّ أصاب الثوب لم يعتبر فيه الدرهم ، بل وجب إزالة قليله ، لأنّه نجس ليس بدم ، فوجب إزالته بالأصل السالم عن المعارض ، ثمّ اعترض على نفسه بأنّ النجاسة مستفادة من الدم ، فكأنّ الحكم له.
وأجاب بأنّه قد لا يثبت في الفرع ما يثبت في الأصل ، وبأنّ الاعتبار بالمشقّة المستندة إلى كثرة الوقوع ، وذلك غير موجود في صورة النزاع لندوره (٢) ، وهو
__________________
(١) المعتبر : ١ / ٤٣٢ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٣٢٠ ، معالم الدين في الفقه : ٢ / ٦١٠.
(٢) منتهى المطلب : ٣ / ٢٥٦.