خيرة الشهيد في «البيان» أيضا (١).
وقيل : بالعفو لأصالة البراءة من وجوب إزالته ، ولأنّ المتنجّس بالشيء لا يزيد حكمه عنه ، بل غايته أن يساويه ، إذ الفرع لا يزيد على أصله (٢) ، بل قيل : إنّه أضعف حكما منه (٣).
وإذا ثبت العفو في القوي فالضعيف أولى ، وهو اختيار جماعة منهم الشهيد في «الذكرى» ، وصاحب «المدارك» و «المعالم» (٤).
والقول الأوّل لا يخلو عن قوّة للقاعدة ، وهي أنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة ، والعبادات توقيفيّة مع احتمال العفو ، لعدم تبادر مثله من العمومات والإطلاقات بعد ملاحظة أنّ منجّسه معفوّ عنه ، وأنّ نجاسته إنّما هي من ملاقاة ذلك النجس وتأثيره ، فكيف يتحقّق فيه مؤثّر من ذلك المؤثّر مع عدمه فيه؟
مع أنّ القياس بطريق الأولويّة لعلّه أيضا متحقّق ، ولا أقلّ من حصول الشكّ منه في الدخول في الإطلاقات والعمومات ، والاحتياط في مثله مهم جدّا.
ولو أزال عين الدم بما لا يطهرها فقال في «المنتهى» : في جواز الصلاة نظر أقربه الجواز ، لأنّه مع العينيّة يجوز ، وبزوال العين تخفّ النجاسة ، فكان الدخول سابقا (٥) وهو حسن ، ويدلّ عليه الاستصحاب أيضا.
السادس : إنّ الروايات المتضمّنة للعفو من الدم وإن وردت في الثوب ، إلّا أنّه لا فرق بينه وبين البدن ، بل في «المنتهى» أسنده إلى الأصحاب ، واستدلّ عليه
__________________
(١) البيان : ٩٥.
(٢) مدارك الأحكام : ٢ / ٣١٧.
(٣) ذخيرة المعاد : ١٥٩.
(٤) ذكرى الشيعة : ١ / ١٣٨ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٣١٠ ، معالم الدين في الفقه : ٢ / ٦٠٩.
(٥) منتهى المطلب : ٣ / ٢٥٦.