بإِيصال الماء إِليه ، وهو مع ذلك ممسوح .
ولو تركنا والقياس لكان لنا منه حجّة هي أوْلى من حجّتهم ، وهي : أنّ الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى ، يسقط حكمه في التيمّم ، فوجب أن يكون فرضه المسح ، دليله الرأس (٥٢) .
فإِن قالوا : هذا ينتقض عليكم بالجنب ؛ لأنّ غسل جميع بدنه وأعضائه يسقط في التيمّم ، وفرضه مع ذلك الغسل .
وقد احترزنا من هذا بقولنا : إِنّ الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى ، فلا يلزمنا بالجنب نقض على هذا .
فإِن قال قائل : فما تصنعون في الخبر المرويّ عن النبيّ صلّی الله عليه وآله : أنّه توضّأ فغسل وجهه وذراعيه ، ثمّ مسح رأسه وغسل رجليه ، وقال : « هذا وضوء الأنبياء من قبلي ، هذا الذي لا يقبل الله الصلاة إِلّا به » ؟
قيل له : هذا الخبر الذي ذكرته مختلط من وجهين رواهما أصحابك :
أحدهما : أنّ النبيّ صلّی الله عليه وآله توضّأ مرّة مرّة ، وقال : « هذا الذي لا يقبل الله صلاة إِلّا به » (٥٣) ولم يأت في الخبر كيفية الوضوء .
والآخر : أنّ النبيّ صلّی الله عليه وآله غسل وجهه ثلاثاً ، ويديه ثلاثاً ، ومسح رأسه ، وغسل رجليه إِلى الكعبين ، وقال : « هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي » (٥٤) ولم يقل فيه : « لم يقبل الله صلاة إِلّا به » فخلطت في روايتك أحد الجزءين بالآخر لبعدك عن معرفة الأثر .
______________________________
(٥٢) روي عن ابن عباس أنّه قال : ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمّم ، وما كان عليه المسح اُسقط ، وروي عن الشعبي مثله .
اُنظر : أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ ٢ : ٥٧٧ ، مجمع البيان ـ للطبرسيّ ـ ٢ : ١٦٥ .
(٥٣) سنن ابن ماجة ١ : ١٤٥ / ٤١٩ ، مسند الطيالسيّ : ٢٦٠ / ١٩٢٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٧٩ و ٨٠ و ٨١ ، كنز العمّال ٩ : ٤٥٤ / ٢٦٩٣٨ و ٤٥٧ / ٢٦٩٥٧ و ٤٣١ / ٢٦٨٣١ ، المبسوط ـ للسرخسيّ ـ ١ : ٩ ، الفقيه ١ : ٢٥ / ٧٦ .
(٥٤) مسند الطيالسيّ : ٢٦٠ / ١٩٢٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٧٩ و ٨٠ و ٨١ ، كنز العمّال ٩ : ٤٥٤ / ٢٦٩٣٨ و ٤٥٧ / ٢٦٩٥٧ ، المبسوط ـ للسرخسيّ ـ ١ : ٩ .