غيرها ، كما أنّه تضمّن ذكر الرؤوس وكان الواجب بها أنفسها دون أغيارها .
ولا خلاف في أنّ الخفاف لا يعبّر عنها بالأرجل ، كما أنّ العمائم لا يعبّر عنها بالرؤوس ، ولا البراقع بالوجوه ، فوجب أن يكون الغرض متعلّقاً بنفس المذكور دون غيره على جميع الوجوه ، ولو شاع سوى ذلك في الأرجل حتّى تكون هي المذكورة والمراد سواها ، لشاع نظيره في الوجوه والرؤوس ولجاز أيضاً أن يكون قوله سبحانه : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ ) (٤٦) محمولاً على غير الأبعاض المذكورة ، ولا خلاف في أنّ هذه الآية دالّة بظاهرها على قطع الأيدي والأرجل بأعيانها ، وأنّه لا يجوز أن ينصرف عن دليل التلاوة وظاهرها ؛ فكذلك آية الطهارة لأنّها مثلها .
فإِن قيل : إِنّ عطف الأرجل على الأيدي أوْلى من عطفها على الرؤوس ؛ لأجل أنّ الأرجل محدودة كاليدين ، وعطف المحدود على المحدود أشبه بترتيب الكلام (٤٧) .
قلنا : لو كان ذلك صحيحاً ، لم يجز عطف الأيدي وهي محدودة على الوجوه وهي غير محدودة ، في وجود ذلك ، وصحّة اتّفاق الوجوه والأيدي في الحكم مع اختلافهما في التحديد ، دلالة على صحّة عطف الأرجل على الروؤس ، واتّفاقهما في الحكم ، وإِن اختلفا في التحديد .
على أنّ هذا أشبه بترتيب الكلام ممّا ذكر الخصم ؛ لأنّ الله تعالى ذكر عضواً مغسولاً غير محدود ، وهو الوجه ، وعطف عليه من الأيدي بمحدود مغسول ، ثمّ ذكر عضواً ممسوحاً غير محدود ، وهو الرأس ، وعطف عليه من الأرجل بممسوح محدود ،
______________________________
(٤٦) سورة المائدة ٥ : ٣٣ .
(٤٧) ذهب إِليه بعض اللغويّين .
اُنظر : لسان العرب ٢ : ٥٩٣ ، معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٢ : ١٥٤ ، الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٤٠٧ ، الحجّة للقرّاء السبعة ٣ : ٢١٥ .