على تحمل المكاره وتجرّع الشدائد وكظم الغيظ وترك الانتقام ، فإن ذلك يشق على النفوس ، ويصعب احتماله في مجرى العادة إلا من عصم الله.
وقال أنس في تفسير ذلك : الرجل يشتمه أخوه فيقول : إن كنت صادقا غفر الله لى ، وإن كنت كاذبا غفر الله لك.
(وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) أي وما يتقبلها إلا ذو نصيب وافر من السعادة فى الدنيا والآخرة.
قال قتادة : الحظ العظيم الجنة ، أي وما يلقاها إلا من وجبت له الجنة.
ثم ذكر طريقا لمنع تهييج الشر ودفع الغضب إذا بدت بوادره فقال :
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي وإن وسوس إليك الشيطان ليحملك على مجازاة المسيء فاستعذ بالله من كيده وشره ، واعتصم من خطراته ، إنه هو السميع لا ستعاذتك منه ، واستجارتك به من نزغاته ولغير ذلك من كلامك وكلام غيرك ، العليم بما ألقى في روعك من نزغاته ، وحدّثتك به نفسك ، وما قصدت من صلاح ، ونويت من إحسان.
ومن شياطين الإنس من يفعل مثل هذا ، فيصرف عن الدفع بالتي هى أحسن ، فيقول لك : إن فلانا عدوك الذي فعل بك كيت وكيت ، فانتهز الفرصة ، وخذ ثأرك منه لتعظم في عينه وأعين الناس ، ولا يظننّ فيك العجز وقلة الهمة وعدم المبالاة إلى نحو أولئك من العبارات المثيرة للغضب التي ربما لا تخطر ببال شياطين الجن ـ نعوذ بالله من شر كل شيطان.
والخلاصة ـ إن صرفك الشيطان عما شرعت فيه من الدفع بالحسنى ، فاستعذ بالله من شره ، وامض لشأنك. ولا تطعه.