شبهة في كونها خمرا حقيقة (١) ، فما ظنّك بالمقام؟
وأمّا الشهيد الثاني رحمهالله ، فقال : إنّ نجاسته من المشاهير بغير أصل (٢) ، والمراد منه الدليل كما لا يخفى ، إذ هو صرّح بأنّ الأصل يطلق على معان أربع ، منها الدليل.
وظاهر أنّ مراده بغير دليل معروف يعرفه ، لا أنّ الفقهاء اتّفقوا هنا على الفتوى بغير دليل ، حاشاه عن تجويز ذلك بالنسبة إلى مؤمن ، فضلا عن كونه من الفقهاء ، فضلا عن اتّفاق الفقهاء المشهورين.
وعلى فرض أن يكون ـ العياذ بالله ـ أراد ذلك ، فمن البديهيّات كونه خطأ ، وكيف يصير مستندا؟ سيّما مع بداهة كون عدم الوجدان مغايرا لعدم الوجود.
وممّا ذكر ظهر فساد ما ذكر في «الذخيرة» من أنّ القائل بالنجاسة قليل من الأصحاب من غير دليل ، ونسبه إلى «الذكرى» (٣) ، مع كونه من القائلين بها صريحا في «الألفية» (٤) ، وظاهر أنّه متأخّر عن «الذكرى».
وظهر أنّه رجع عمّا قال في «الذكرى» (٥) ، فلم يبق له اعتداد.
ومقتضى عبارة «المختلف» اتّحاد حكم هذا العصير مع الخمر والمسكرات والفقاع عند الفقهاء ، حيث نسب إلى المشهور نجاسة الكلّ ، ونقل الخلاف عن ابن أبي عقيل والصدوق في الكلّ ، وردّه بما ردّه بعد اختيار المشهور ، ولم يشر إلى خلاف آخر من أحد أصلا (٦) ، و «المختلف» آخر تصنيفاته على ما سمعت ، وهو
__________________
(١) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١ / ٤٦٩.
(٢) روض الجنان : ١٦٤ ، مسالك الأفهام : ١ / ١٢٣.
(٣) ذخيرة المعاد : ١٥٤ ، لاحظ! ذكرى الشيعة : ١ / ١١٥.
(٤) الألفيّة والنفليّة : ٤٨.
(٥) ذكرى الشيعة : ١ / ١١٥.
(٦) مختلف الشيعة : ١ / ٤٦٩.