انحصار عدم الانفعال فيما إذا كان جافّا ملاقيا ليابس من النجس.
ومع ذلك لم يقل السيّد بالاكتفاء في الطهارة بالتمسّح ، إذ زوال العين كاف بأيّ نحو كان ، بل لا يحتاج إلى زوال العين أصلا ، لأنّه لم ينفعل الملاقاة رطبا فيكون طاهرا ، وإن كان غريقا في بحار النجاسات ، بل وإن لم يمكن إزالة النجاسات عنه ، لتعذّر الانفكاك عنها.
وإن قال بأنّ الجسم المذكور ينفعل بالملاقاة رطبا أو مائعا ، فيصير متنجّسا أو نجسا ، فقد عرفت أنّ النجاسة ليست مجرّد اللفظ والعبارة ، بل معناه أحكام شرعيّة لا طريق للعقل إليها ، فكما كان تنجّسه وانفعاله يتوقّف على الشرع ، فكذلك رفع هذه الحالة التي لا طريق للعقل إليها أصلا ، ويعبّر عنه بالطهارة الشرعيّة.
وبديهي أنّ العقل لا طريق له في الطهارة الشرعيّة ، والنظافة العرفيّة لا دخل لها في الطهارة الشرعيّة ، ولذا لم تصر الطهارة الشرعيّة دائرة مع النظافة العرفيّة ، حتّى تصير النجاسة الشرعيّة دائرة مع الكثافة العرفيّة.
وصاحب «الذخيرة» أنكر كون الأصل في الأشياء الطهارة (١) ، كما مرّ (٢) ، والمقرّ يقول : الأصل الطهارة إلى أن يحصل العلم بالنجاسة ، لا بعد حصول العلم أيضا.
ودليله لم يقتض إلّا ذلك ، مثل ما في الموثّقة : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» (٣) فإطلاقه يقتضي الاجتناب مطلقا ، إلى أن يثبت من الشرع خلافه.
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ١١٦ مع اختلاف يسير.
(٢) راجع! الصفحة : ٢٣ من هذا الكتاب.
(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٨٤ الحديث ٨٣٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٧ الحديث ٤١٩٥.