عبد الله عليهالسلام ، فقال له رجل : إنّي أدخل كنيفا ولي جيران وعندهم جوار يتغنّين ويضربن بالعود فربّما أطلت الجلوس استماعا منّي لهنّ فقال عليهالسلام : «لا تفعل» ، فقال الرجل : والله ما أتيتهن ، وإنّما هو سماع أسمعه باذني ، فقال عليهالسلام : «تالله أنت ما سمعت الله يقول (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (١)» فقال الرجل : بلى والله كأنّي لم أسمع بهذه الآية من عربي ولا عجمي ، لا جرم إنّي لا أعود إن شاء الله تعالى ، وإنّي أستغفر الله ، فقال له : «قم فاغتسل وصلّ ما بدا لك ، فإنّك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك ، احمد الله وسله التوبة من كلّ ما يكره ، فإنّه لا يكره إلّا كلّ قبيح ، والقبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلا» (٢).
فإنّه عليهالسلام علّل أمره إيّاه بالغسل بكونه مقيما على أمر عظيم ، فإنّه ظاهر الدلالة في كونه مقيما على الكبيرة لا الصغيرة ، سيّما مع ضمّ قوله عليهالسلام : «ما كان أسوأ حالك». إلى آخره.
مضافا إلى الظهور من الخارج أنّ استماع الغناء وضرب العود على احتمال كونهما من الصغائر ، لا شبهة في كون السائل مصرّا عليهما.
مع أنّ ما ورد في ذمّهما يظهر منه كونهما من الكبائر الشديدة ، حيث ورد في غير واحد من الأخبار أنّ تعليم المغنّيات كفر والاستماع منهنّ نفاق (٣).
ولا يضرّ قوله عليهالسلام : «وسله التوبة عن كلّ ما يكره» إذ لا يظهر كون الغسل لأجل توبته عن كلّ ما يكره ، فتأمّل!
__________________
(١) الإسراء (١٧) : ٣٦.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٤٥ الحديث ١٧٧ ، تهذيب الأحكام : ١ / ١١٦ الحديث ٣٠٤ وسائل الشيعة : ٣ / ٣٣١ الحديث ٣٧٩٥ مع اختلاف يسير.
(٣) الكافي : ٥ / ١٢٠ الحديث ٥ و ٧ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٥٦ و ٣٥٧ الحديث ١٠١٨ و ١٠٢١ ، الاستبصار : ٣ / ٦١ الحديث ٢٠١ و ٢٠٤ ، وسائل الشيعة : ١٧ / ١٢٣ و ١٢٤ الحديث ٢٢١٥٣ و ٢٢١٥٥.