قوله عليهالسلام : «على منكبه الأيمن مرّتين» في ضمن السياق المزبور كون الصبّ على الأيسر بعد الصبّ على الأيمن أيضا ، كما لا يخفى.
وإن شئت ظهوره عليك ، فاعرض هذه العبارة على العرف العام والعوام منهم ممّن لم يكن مطلقا على القاعدة في كلمة (الواو) من أنّها تفيد الجمعيّة لا الترتيب ، لأنّ القاعدة تراعى مع قطع النظر عن القرائن وخصوصيّات المقامات والسياق ، وإلّا فكثيرا ما يفيد الترتيب الذكري الترتيب في الفعل والحكم ، مثل الترتيب بين غسل الوجه واليدين ، ومسح الرأس والرجلين في آية الوضوء (١).
ولذا حكم الشافعي وغيره بوجوب هذا الترتيب في الوضوء (٢). مع أنّهم من أهل فنون العربية ، سيّما بعد ملاحظة ما ورد من «أنّ الله تعالى يحبّ التيامن في كلّ شيء» (٣).
هذا كلّه ، مضافا إلى ما روي من أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا اغتسل بدء بميامنه (٤) ، وفعله صلىاللهعليهوآلهوسلم حجّة لنا في ماهيّة العبادة.
مع أنّ الترتيب الذكري في مقام بيان الامور التوقيفيّة يرجّح في نظر أهل العرف كون الفعل بذلك الترتيب ، فلاحظ طريقة فهم أهل العرف ومكالمات الأطبّاء في مقام المعالجة ، وأمثال ذلك من التوقيفيّات حتّى يظهر لك ما قلت.
ويدلّ على الترتيب في البدن أيضا موثّقة زرارة ـ وهي كالصحيحة ـ عن الباقر عليهالسلام : سأله عن غسل الجنابة؟ فقال : «أفض على رأسك ثلاث أكف وعن
__________________
(١) المائدة (٥) : ٦.
(٢) المجموع للنووي : ١ / ٤٤١ ، شرح فتح القدير : ١ / ٣٥ ، مغني المحتاج : ١ / ٥٤.
(٣) عوالي اللآلي : ٢ / ٢٠٠ الحديث ١٠١.
(٤) السنن الكبرى : ١ / ١٧٢.