كان بينهما فرق لشاع واشتهر ، ولا أقلّ من صيرورته مثل التيمم بدل الغسل وبدل الوضوء ، مع أنّ التيمم أندر وأندر بالنسبة إلى خصوص غسل الجنابة ، فضلا عن مطلق الغسل ، ولا أقلّ من حصول شكّ وريبة ، وقد عرفت فساده.
ويعضده أيضا بل يدلّ عليه حسنة زرارة بـ إبراهيم بن هاشم ـ قال : قلت : كيف يغتسل الجنب؟ فقال : «إن لم يكن أصاب كفّه شيء غمسها في الماء ، ثمّ بدأ بفرجه فأنقاه ، ثمّ صبّ على رأسه ثلاث أكف ، ثمّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين ، وعلى منكبه الأيسر مرّتين ، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» (١).
فإنّ الظاهر منها كون الصبّ على الرأس ، والصبّ على اليمين ، والصبّ على اليسار ، كلّ واحد منها جزءا للغسل مستقلّا مأمورا به على حدة على حدة ، وأنّ الصبّ على الأيسر بخصوصه مطلوب في الغسل ، كالصبّ على الأيمن ، وكالصبّ على الرأس ، وأنّ كلّ واحد من الثلاث يجب تحقّقه لتحقّق ماهيّة الغسل ، لا أنّ للغسل جزءين ، أحدهما : الصبّ على الرأس ، وثانيهما : الصب على مجموع الجسد ، وأنّ الواجب في تحقّق الغسل هو الصبان فقط ، كما نسب إلى الشاذّ من فقهائنا (٢).
فثبت المطلوب بضميمة عدم القول بالفصل ، وأنّ الواجبين الأخيرين لا يمكن اجتماعهما والإتيان بهما دفعة واحدة ، بل لا بدّ من تقديم أحدهما على الآخر ، وأنّ نسبة التقديم إليهما ليست على حدّ سواء ، بل نسبته إلى المنكب الأيمن أولى ، بل الظاهر وجوب تحقّقه بعد تحقّق الصبّ على الرأس.
كما لا يخفى أنّ المتبادر من ذكر قوله عليهالسلام : «على منكبه الأيسر» بعد ذكر
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٤٣ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ١ / ١٣٣ الحديث ٣٦٨ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الحديث ٢٠١٤ مع اختلاف يسير.
(٢) نسب إلى ابن الجنيد والصدوقين في مدارك الأحكام : ١ / ٢٩٣ ، لاحظ! المقنع : ٣٨ و ٣٩ ، الهداية : ٩٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٤٦.