مع أنّ الأمر بعكس ذلك عملا ، بل وفتوى أيضا ، وأيضا كما أنّ الوضوء هيئة واحدة ، فكذلك الغسل.
ولذا ترى في الأخبار وجوب أغسال ، مثل غسل الحيض والاستحاضة والنفاس ومسّ الميّت وغيرها ، واستحباب أغسال وهي أكثر من أن تحصى ، وقد ذكرنا كثيرا منها ، ولم يتوقّف أحد في كلّ واحد واحد منها بأنّه بأيّ كيفيّة هو؟
وما لم يثبت من نصّ كيفيّته يبنى على الإجمال وعدم العمل من جهة عدم المعروفيّة ، إذ لا شكّ في أنّ البناء على أنّ الكلّ بكيفيّة واحدة وهيئة غير متفاوتة (١) أصلا ، ولم يتوقّف أحد في كون غسل الجمعة مثلا ، هل هو مثل غسل الجنابة أو غسل الميّت؟ بل القطع حاصل باتّحادهما أيضا.
بل الظاهر أنّه بديهي الدين ، ولذا لم يرد خبر في كون الغسل مطلقا يجب فيه الترتيب ، ويجوز بارتماسة واحدة ، ولا يجب فيه الموالاة. إلى غير ذلك من أحكامه ، وإنّما الوارد في الأخبار خصوص غسل الجنابة (٢) ، أو واحد آخر أيضا ، ومع ذلك اتّفق الفتاوى والأفهام على العموم ، وكون الغسل من حيث هو هو كذا.
بل المناقشون في الترتيب في البدن في بحث تداخل الأغسال اختاروا وحدتها ، من جهة صدق الامتثال في كون الغسل الواحد هو غسل الجنابة ، وهو غسل الجمعة ، وهكذا ، وليس ذلك إلّا من جهة بداهة اتّحاد هيئة جميع الأغسال.
وفي بحث غسل الميّت اتّفق الفتاوى والأخبار (٣) على الترتيب بين اليمين واليسار ، ولا شبهة في كون غسل الميّت بالترتيب المذكور ، فكذا كلّ غسل ، إذ لو
__________________
(١) في (ف) و (ز ١) و (ط) : متضادّة.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٩ الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.
(٣) مرّت آنفا.