١ ـ أن يقف الرسول صلىاللهعليهوآله من مستقبل الرسالة موقفاً سلبياً ، ويكتفي
بممارسة دوره في قيادة الأمّة والرسالة وتوجيهها فترة حياته ، ويتركها في مستقبلها
للظروف والصدف ، وهذه السلبية لا يمكن افتراضها في النبي صلىاللهعليهوآله لأنها انما تنشأ من أحد أمرين لا ينطبقان
عليه.
الأول
: الاعتقاد بأن هذه السلبية والاهمال لا يؤثران
علىٰ مستقبل الرسالة ، وأنّ الأمة التي سوف تخلف الدعوة قادرة على التصرف بالشكل
الذي يحيي الدعوة ويضمن عدم الانحراف ، وهذا الاعتقاد لا مبرر له من الواقع اطلاقاً
، بل إن طبيعة الأشياء كانت تدلّ علىٰ خلافه.
الثاني
: انه بالرغم من شعوره بخطر هذه السلبية لا
يحاول تحصين الدعوة ضد ذلك الخطر ، لأنه ينظر إليها نظرة مصلحية ، فلا يهمه إلاّ أن
يحافظ عليها ما دام حياً ليستفيد منها ويستمتع بمكاسبها ولا يُعنىٰ بحماية مستقبلها
بعد وفاته ، وهذا التفسير لا يمكن أن يصدق على النبي صلىاللهعليهوآله
لإخلاصه لرسالته وتفانيه فيها وتضحيته من أجلها حتى آخر لحظة من حياته وهو يسيّر جيش
اُسامة ، فهو يعيش هموم مستقبلها ، ويشعر بالخطر المحدق بها ، ويخطط لسلامتها من الأخطار
المرتقبة بعد وفاته ، فأراد أن يكتب لاُمته كتاباً يكون عصمة لها عن الضلالة ، وجنّة
تدرأ عنها عوامل الفرقة والاختلاف ، فحيل بينه وبين ما أراد !!
٢ ـ أن يخطط الرسول القائد صلىاللهعليهوآله للمستقبل ، ويتّخذ موقفاً إيجابياً ، فيجعل
القيمومة على الدعوة وقيادة التجربة للاُمة الممثّلة على أساس نظام الشورىٰ في
جيلها الأول الذي يضمّ مجموع المهاجرين والأنصار.
والملاحظ أن طبيعة الأشياء والوضع العام
الثابت عن الرسول صلىاللهعليهوآله
والرسالة والصحابة يدحض هذه الفرضية ، وينفي أن يكون النبي صلىاللهعليهوآله قد انتهج