مكانه حتىٰ يرجع
إلى الأرض ؟ قال : بلىٰ ، قال : أرأيت لو بعثت إلىٰ راعي غنمك ، ألم تكن
تحبّ أن يستخلف رجلاً حتىٰ يرجع ؟ قال : بلى (١).
وليت شعري كيف صارت عائشة وعبد الله بن عمر
أعلم بمآل الأمور ونتائج عدم الاستخلاف من رسول الله صلىاللهعليهوآله
؟ وهل هما أحرص على مصلحة الاُمّة وضمان مستقبلها من نبي الرحمة ؟! كلا وحاشا رسول
الله صلىاللهعليهوآله من هذه الأوهام
، فإنّه صلىاللهعليهوآله قد نصّ على خليفته
من بعده وبلّغ اُمّته بأنه علي بن أبي طالب عليهالسلام
، وفي ذات الوقت عهد إليه أن الأمّة ستغدر به بعده (٢) ، وقال له : « أما إنك ستلقى بعدي جهداً
» فقال علي عليهالسلام : « في سلامة
من ديني ؟ » قال صلىاللهعليهوآله
: « في سلامة من دينك » (٣)
وأخذ بيده وقد بكىٰ فقال علي عليهالسلام
: « ما يبكيك يا رسول الله ؟ » قال عليهالسلام
: « ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلاّ من بعدي » (٤).
ولقد تحقق ما أخبر به النبي الصادق الأمين
صلىاللهعليهوآله ، ودُفِع الوصيّ
عن حقّه ، وقد صرح عليهالسلام
بذلك مراراً ، سيما في خطبته الشقشقية (٥)
المعروفة ، وفي غيرها أيضاً حيث قال : « فو الله ما زلت مدفوعاً عن حقّي ، مستأثراً عليَّ
، منذ قبض الله نبيه صلىاللهعليهوآله حتىٰ يوم الناس
هذا »(٦).
وقال عليهالسلام
: « أما الاستبداد
علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسباً ،
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣
: ٣٤٣.
(٢) مستدرك الحاكم ٣
: ١٤٠ ـ حيدر آباد ـ الهند.
(٣) مستدرك الحاكم ٣
: ١٤٠.
(٤) مستدرك الحاكم ٣
: ١٣٩ ، مسند أبي يعلى ١ : ٤٢٦ / ٣٠٥ ـ دار المأمون ـ ط ٢ ، مجمع الزوائد / الهيثمي
٩ : ١١٨ ـ ١٢١ ـ مؤسسة المعارف ـ بيروت ـ ١٤٠٦ ه.