وثبت عنه عليهالسلام
بخصوص مسألة التحكيم أنه نصح أصحابه من الدخول في هذه الحكومة ، وأمرهم بالمناجزة والثبات
في الحرب ، وبيّن لهم أن رفع المصاحف خدعة ومناورة لجأ إليها معاوية حين بان في أصحابه
الفشل والوهن ، وأحسّ فيهم الجزع من الحرب.
قال عليهالسلام
: « عباد
الله ، إني أحقّ من أجاب إلىٰ كتاب الله ، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي
معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح ، ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إني أعرفُ بهم منكم
، صحبتهم أطفالاً وصحبتهم رجالاً ، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال ، إنها كلمة حقّ يُراد
بها باطل ، وما رفعوا لكم إلاّ خديعة ومكيدة »(٢).
ولكن السواد الأعظم من أصحابه عليهالسلام وكانوا زهاء عشرين ألفاً ، أبوا إلاّ التحكيم
، وخرجوا عن الطاعة «
ولا رأي لمن لا يطاع »(٣) فوافقهم عليهالسلام
تسكيناً لشغبهم لا استصلاحاً لرأيهم ، فالوصي عليهالسلام
لم يحكّم الحكمين ، بل إن غالبية جيشه الذين صاروا خوارج فيما بعد ، هم الذين أصروا
على التحكيم.
ثم أنّهم ندموا علىٰ خطل الرأي ، ولكنّهم
ارتكبوا حماقة اُخرىٰ حيث جعلوا التحكيم ذنباً اقترفه علي عليهالسلام ، فذكّرهم عليهالسلام نهيه لهم عن قبول التحكيم قائلاً : « وقد كنت نهيتكم عن هذه
الحكومة ، فأبيتم عليّ إباء المخالفين ، حتىٰ
__________________
(١) الأخبار الموفقيات : ٥٨١ عن محمّد بن إسحاق ، شرح ابن أبي الحديد
٦ : ٢١.