من الجن يوسوس إليه ويغريه بالشر ـ ثم لا يقصرون ولا يكفون عن إغوائهم وإفسادهم ، فلذلك يصرون على الشر والفساد لفقد الوازع النفسي والواعظ القلبي.
والخلاصة ـ إن المؤمنين إذا مسهم طائف من الشيطان يحملهم على المعاصي تذكروا فأبصروا وحذروا وسلموا ، وإن ذلوا تابوا وأنابوا ، وإن إخوان الشياطين تتمكن الشياطين من إغوائهم فيمدونهم فى غيهم ، ولا يكفون عن ذلك ، ومن ثم تراهم يستمرون فى شرورهم وآثامهم لفقد الوازع النفسي.
(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه فى الآية السالفة أن شياطين الجن والإنس لا يقصرون فى الإغواء والإضلال ـ قفّى على ذلك بذكر نوع خاص من هذا الإغواء وهو طلبهم آيات معينة ومعجزات مخصوصة تعنتا كما قال تعالى حكاية عنهم : «وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً» أي إذا لم تأتهم بما طلبوا قالوا هلا افتعلتها وأتيت بها من عند نفسك ، لأنهم كانوا يقولون : «ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً».
الإيضاح
(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) قال الفرّاء تقول العرب : اجتبيت الكلام واختلقته وارتجلته إذا افتعلته من قبل نفسك : أي وإذا لم يأتهم الرسول بآية قرآنية بأن تراخى نزول الوحى زمنا ما ـ قالوا لو لا افتعلت نظمها وتأليفها واخترعتها