مغزى هذا القصص
قص الله سبحانه علينا خبر النشأة الأولى ليرشدنا إلى ما فطرنا عليه ، وإلى ما يجب علينا من شكره وطاعته ، ويبين لنا أنه خلق الإنسان ليكون خليفة فى الأرض ، وجعله مستعدا لعلم كل شىء فيها وتسخير ما فيها من القوى لمنافعه وليهدينا إلى أنه كان فى نشأته الأولى فى جنة النعيم وراحة البال ، وقد جعله مستعدا للتأثر بالأرواح الملكية التي تجذبه إلى الحق والخير ، والأرواح الشيطانية التي تجذبه إلى الباطل والشر ، وعاقبة التأثر الأول سعادة الدارين ، ونتيجة الثاني الشقاء فيهما ، وهو أيضا محتاج إلى الوحى لإرشاده وهدايته.
فعلينا أن نعرف غرائزنا ونربّى أنفسنا على أن نتذكر عهد الله إلينا بأن نعبده وحده ولا نعبد معه أحدا سواه ، ولا ننساه فنسى أنفسنا ونغفل عن تزكيتها ونتركها كالريشة فى مهابّ أهواء الشهوات ووساوس شياطين الضلالات.
وعلينا أن نعرف أن آدم لم يكن نبيا ورسولا عند بدء خلقه ولا موضعا للرسالة فى ذلك الحين ، بل أنكر بعضهم أن يكون رسولا مطلقا ، وقال إن أول الرسل نوح عليه السلام كما تدل على ذلك الآيات الواردة فى الرسل والأحاديث الصحيحة ، وما ورد فى هذه القصة من التفسير بالمأثور فأكثره مدخول مأخوذ من الإسرائيليات عن زنادقة اليهود الذين دخلوا فى الإسلام للكيد له ، وكان الرواة ينقلون عن الصحابي أو التابعي ما مصدره من الإسرائيليات فيغتر به بعض الناس فيظنون أنه لا بد له من أصل مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعرف بالرأى.
(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦)