لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١))
المعنى الجملي
بعد أن أجاب سبحانه عن شبهات الكفار وبين بالدليل صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ـ ذكر هنا أنه لا ينبغى الالتفات إلى ما يقوله هؤلاء الجهال ، لأنهم يسلكون سبيل الضلال والإضلال ، ويتبعون الظنون الفاسدة الناشئة من الجهل والكذب على الله ، فلا ينبغى الركون إليهم والعمل بآرائهم.
وفى سياق الحديث ذكر أن أكثر الأمم فى عهد بعثة النبي صلّى الله عليه وسلم كانوا ضلالا يغلب عليهم الشرك ، بعد أن أبان ضلال مشركى العرب ومن على شاكلتهم فى عقائدهم ثم أردف ذلك بيان مسألة هامة لها خطرها وهى من أصول الشرك ، تلك هى مسألة الذبائح لغير الله.
الإيضاح
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي وإن تطع أحدا من الكفار بمخالفة ما شرعه الله ، وأودعه كلماته المنزلة عليك ، يضلوك عن الدين الحق ، وعن نهج الصواب ، فلا تتبع أنت ومن اتبعك حكما غير الذي أنزل إليك من الكتاب مفصلا ، فهو الهداية التامة الكاملة ، فادع إليه الناس كافة.
ثم أكد ما سبق بقوله :
(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ، وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) الخرص : القول بالظن قول من لا يستيقن ، أي إن هؤلاء لا يتبعون فى عقائدهم وأعمالهم إلا الظن الذي ترجحه لهم أهواؤهم ـ وما هم إلا يخرصون فى ترجيح بعض منها على بعض ، كما يخرص أرباب النخيل والكروم ثمرات نخيلهم وأعنابهم ، ويقدرون ما تجود به من التمر والزبيب تخمينا وحدسا