(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) تعني صلاتي العشاء (وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) يعني التطوّع (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ) أمامهم وقدّامهم كقوله : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) (١) وقوله سبحانه : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ) (٢).
(يَوْماً ثَقِيلاً) وهو يوم القيامة ، (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا). قوّينا وحكمنا. (أَسْرَهُمْ) قال مجاهد وقتادة ومقاتل : خلقهم ، وهي رواية عطية عن ابن عباس يقال : رجل حسن الاسّر أي الخلق ، وفرس شديد الأسّر ، وقال أبو هريرة والربيع : مفاصلهم ، وقال الحسن : أوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق والعصب وروى عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) قال : الشرج وأصل الأسر الشكّ يقال : ما أحسن ما أسر قتبه أي شدّه ، ومنه قولهم : خذه بأسره إذا أرادوا أن يقولوا : هو لك كلّه كأنهم أرادوا بعكة وشدة لم تفتح ولم تنقص منه. قال لبيد :
ساهم الوجه شديد اسّره |
|
مغبط الحارك محبوك الكفل (٣) |
وقال الأخطل :
من كلّ مجتنب شديد أسره |
|
سلس القياد تخاله مختالا (٤) |
(وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً إِنَّ هذِهِ) السورة (تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أي وسيلة بالطاعة. (وَما تَشاؤُنَ). بالياء ابن كثير وأبو عمرو ومثله روى هشام عن أهل الشام ، غيرهم بالتاء. (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) لأن الأمر إليه لا إليكم وفي أمره عند الله إلّا ما شاء الله ، (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ) ، وقرأ أبان بن عثمان والظالمون (أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
__________________
(١) سورة الكهف : ٧٩.
(٢) سورة المؤمنون : ١٠٠.
(٣) تاج العروس : ٥ / ١٩١.
(٤) مجنتب : من الجنيبة وهي الفرس تقاد ولا تركب ، تفسير القرطبي : ١٩ / ١٥١.