نفرا يكون النصر في أعقابهم |
|
أرجو بذاك ثواب ربّ محمّد (١) |
فلمّا [......] (٢) تبع إلى دينهما أكرمهما وانصرف عن المدينة ، وخرج بهما إلى اليمن ولمّا [دنا من] اليمن ليدخلها حالت حمير بينه وبين ذلك ، وقالوا : لا تدخلها علينا ، وقد فارقت ديننا ، فدعاهم إلى دينه ، وقال : إنه دين خير من دينكم.
قالوا : فحاكمنا إلى النار. وكانت باليمن نار في أسفل جبل يقال له : ندا (٣) ، يتحاكمون إليها ، فيما يختلفون فيه ، فتحكم بينهم ، تأكل الظالم ، ولا تضرّ المظلوم ، فلمّا قالوا ذلك لتبّع ، قال : أنصفتم ، فخرج قومه بأوثانهم ، وما يتقرّبون به في دينهم ، وخرج الحبران ، مصاحفهما في أعناقهما متقلّداهما ، حتّى قعدوا للنّار عند مخرجها التي تخرج منه ، فخرجت النار إليهم ، ولمّا أقبلت نحو حمير ، حادوا عنها ، وهابوها فدعاهم من حضرهم من الناس ، وأمروهم بالصبر لها ؛ فصبروا حتّى غشيتهم ، فأكلت الأوثان ، وما قربوا معها ، ومن حمل ذلك من رجال حمير ، وخرج الحبران ومصاحفهما في أعناقهما ، يتلون التوراة ، تعرق جباههما ، لم تضرّهما ، ونكصت النار حتّى رجعت إلى مخرجها الذي خرجت منه ، فأطبقت حمير عند ذلك على دينهما.
فمن هناك كان أصل اليهودية باليمن (٤).
وكان لهم بيت يعظمونه ، وينحرون عنده ، ويكلّمون منه ، إذا كانوا على شركهم ، فقال الحبران القرظيان ، واسماهما كعب وأسد لتبّع : إنّما هو شيطان [يفنيهم ويلغيهم] (٥) ، فخلّ بيننا وبينه. قال : فشأنكما به. فاستخرجا منه كلبا أسود ، فذبحاه ، ثمّ هدما ذلك البيت ، فبقاياه اليوم باليمن كما ذكر لي.
وروى أبي دريد ، عن أبي حاتم ، عن الرياشي ، قال : كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة ، آمن بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم محمّد صلىاللهعليهوسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة ، وقال في ذلك شعرا :
شهدت على أحمد أنّه |
|
رسول من الله باري النسم |
فلو مد عمري إلى عمره |
|
لكنت صهرا له وابن عمّ (٦) |
(كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَ) وجب (وَعِيدِ) لهم بالعذاب يخوف كفّار مكّة ، قال قتادة : دمر الله سبحانه وتعالى قوم تبّع ، ولم يدمّره ، وكان من ملوك اليمن ، فسار بالجيوش ، وافتتح البلاد ،
__________________
(١) تاريخ الطبري : ١ / ٥٣٣ وذكر تمام الأبيات.
(٢) كلمة غير مقروءة.
(٣) كذا في المخطوط.
(٤) تفسير الطبري : ٢٦ / ٢٠٠.
(٥) في تفسير الطبري : يعينهم ويلعب بهم (٢٦ / ٢٠٠)
(٦) تفسير القرطبي : ١٦ / ١٤٥.