يمسكوا بلا إله إلّا الله ، فلمّا أبوا أن يمسكوا إلّا بلا إله إلّا الله ، حقنت دماؤهم ، ونكحوا ، ونكحوا بها.
(وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) قال ابن عبّاس : في معنى القول : الحسن في فحواه.
القرظي : في مقصده ومغزاه. واللحن وجهان : صواب ، وخطأ ، فأمّا الصواب فالفعل منه لحن يلحن لحنا ، فهو لحن إذا فطن للشيء ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعض» [٢١] (١) ، والفعل من الخطأ لحن يلحن لحنا ، فهو لاحن ، والأصل فيه إزالة الكلام عن جهته ، وفي الخبر أنّه قيل لمعاوية : إنّ عبيد الله بن زياد يتكلّم بالفارسية ، فقال : أليس طريفا من ابن أخي أن يلحن في كلامه أي يعدل به من لغة إلى لغة ، قال الشاعر :
وحديث الذه هو ممّا |
|
ينعت الناعتون يوزن وزنا (٢) |
منطق صائب وتلحن أحيانا |
|
وخير الحديث ما كان لحنا |
يعني ترتل حديثها.
(وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) بالجهاد (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) قرأ العامّة كلّها بالنون لقوله : (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ) (٣). وروى أبو بكر والمفضل ، عن عاصم كلّها (بالياء). وقرأ يعقوب ، (وَنَبْلُوا) ساكنة (الواو) ردّا على قوله : (نَعْلَمَ).
قال إبراهيم بن الأشعث : كان الفضل إذا قرأ هذه الآية بكى ، وقال : اللهم لا تبلنا ، فإنّك إن بلوتنا هتكت أستارنا ، وفضحتنا.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ) قال ابن عبّاس : هم المطعمون يوم بدر ، نظيره قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٤) ... الآية.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) بمعصيتها ، قال مقاتل والثمالي : لا تمنوا على رسول الله فتبطلوا أعمالكم ، نزلت في بني أسد. وسنذكر القصة في سورة الحجرات إن شاء الله. وقيل : بالعجب والرياء.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) قيل : هم أصحاب القليب ، وحكمها عام (فَلا تَهِنُوا) تضعفوا (وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) إلى الصلح (وَأَنْتُمُ
__________________
(١) مسند أحمد : ٢ / ٣٣٢ ؛ صحيح البخاري : ٨ / ٦٢.
(٢) الصحاح : ٦ / ٢١٩٤.
(٣) سورة محمد : ٣٠.
(٤) سورة الأنفال : ٣٦.