الله سبحانه لهم خلقا جديدا ، فيلقون في النار فذلك قوله سبحانه : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ).
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) أي مقامه بين يدي ربّه ، وقيل : قيامه لربه ، بيانه قوله : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ، وقيل : قيام ربّه عليه ، بيانه قوله : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) قال إبراهيم ومجاهد : هو الرجل يهمّ بالمعصية فيذكر الله تعالى فيدعها من مخافة الله. قال ذو النون : علامة خوف الله أن يؤمنك خوفه من كل خوف ، وقال السدّي : شيئان مفقودان الخوف المزعج والشوق المقلق.
(جَنَّتانِ) بستانان من الياقوت الأحمر ، والزبرجد الأخضر ، ترابهما الكافور والعنبر وحمأتهما المسك الأذفر ، كل بستان منهما مسيرة مائة سنة ، في وسط كلّ بستان دار من نور.
قال محمد بن علي الترمذي : جنة بخوفه ربّه ، وجنّة بتركه شهوته. قال مقاتل : هما جنّة عدن وجنّة النعيم ، وقال أبو موسى الأشعري : (جَنَّتانِ) من ذهب للسابقين ، و (جَنَّتانِ) من فضة للتابعين.
وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : «هل تدرون ما هاتان الجنتان؟ ، هما بستانان في بساتين ، قرارهما ثابت ، وفرعهما ثابت ، وشجرهما ثابت» [١٧٢].
وأخبرني عقيل إجازة قال : أخبرنا المعافى قراءة قال : أخبرنا محمد بن جرير الطبري قال : حدّثني محمد بن موسى الجرشي قال : حدّثنا عبد الله بن الحرث القرشي قال : حدّثنا شعبة بن الحجاج قال : حدّثنا سعيد الحريري عن محمد بن سعد عن أبي الدرداء قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق؟ ، قال : «وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء» [١٧٣] (١).
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * ذَواتا أَفْنانٍ) قال ابن عباس : ألوان ، وواحدها فن وهو من قولهم : افتنّ فلان في حديثه إذا أخذ في فنون منه وضروب ، قال الضحاك : ألوان الفواكه.
مجاهد : أغصان وواحدها فنن. عكرمة : ظل الأغصان على الحيطان. الحسن : ذواتا ظلال ، وهو كقوله : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ). [قال] الضحاك أيضا : ذواتا أغصان وفصول. قال : وغصونها كالمعروشات تمسّ بعضها بعضا ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس. [قال] قتادة : ذواتا فضل وسعة على ما سواهما. [قال] ابن كيسان : ذواتا أصول.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) قال ابن عباس : بالكرامة والزيادة على أهل الجنة ، وقال الحسن : تجريان بالماء الزلال ، إحداهما التسنيم والأخرى السلسبيل.
__________________
(١) مجمع الزوائد : ٧ / ١١٨ بتفاوت.