وقيل : هو ما كتب الله تعالى في قلوب أوليائه من الإيمان ، بيانه : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) ، وقيل : هو ما كتب الله تعالى للخلق من السابقة والعاقبة.
(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) بكثرة الحاشية والأهل ، وهو بيت في السماء السابعة ، حذاء العرش ، حيال الكعبة ، يقال له : الضراح ، حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض ، يدخله كل يوم سبعون ألف من الملائكة ، يطوفون به ويصلون فيه ، ثم لا يعودون إليه أبدا (١) ، وخازنه ملك يقال له : [الجن].
وقيل : كان البيت المعمور من الجنّة ، حمل إلى الأرض لأجل آدم عليهالسلام ، ثم رفع إلى السماء أيام الطوفان.
أخبرنا الحسين بن محمد ، قال : حدّثنا هارون بن محمد بن هارون ، قال : حدّثنا إبراهيم ابن الحسين بن دربل ، قال : حدّثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدّثني سفيان بن نسيط عن أبي محمد عن الزبير عن عائشة أنّ النبىّ صلىاللهعليهوسلم قدم مكة فأرادت عائشة أن تدخل البيت ـ يعني ليلا ـ فقال لها بنو شيبة : أنّ أحدا لا يدخله ليلا ولكنا نخليه لك نهارا ، فدخل عليها النبي صلىاللهعليهوسلم فشكت إليه أنّهم منعوها أن تدخل البيت ، فقال : «إنّه ليس لأحد أن يدخل البيت ليلا ، إن هذه الكعبة بحيال البيت المعمور الذي في السماء ، يدخل ذاك المعمور سبعون ألف ملك ، لا يعودون إليه أبدا الى يوم القيامة ، لو وقع حجر منه لوقع على ظهر الكعبة ، ولكن انطلقي أنت وصواحبك فصلّين في الحجر» [١٠٠] (٢) ففعلت فأصبحت وهي تقول : قد دخلت البيت على رغم من رغم.
وأخبرنا الحسين بن محمد ، قال : حدّثنا هارون بن محمد ، قال : حدّثنا محمد بن عبد العزيز ، قال : حدّثنا كثير بن يحيى بن كثير ، قال : حدّثنا أبي عن عمرو عن الحسن في قوله سبحانه : (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قال : هو الكعبة البيت الحرام الذي هو معمور من الناس ، يعمره الله كلّ سنة ، أوّل مسجد وضع للعبادة في الأرض.
(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) يعني السماء ، سمّاها سقفا ؛ لأنها للأرض كالسقف للبيت ، دليله ونظيره قوله سبحانه : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً).
(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال مجاهد والضحاك وشمر بن عطية ومحمد بن كعب والأخفش : يعني الموقد المحمي بمنزلة التنور المسجور ، ومنه قيل للمسعر مسجر ، ودليل هذا التأويل ما
__________________
(١) الى هنا في فتح الباري : ٦ / ٢١٩ ، وتفسير الطبري : ٢٧ / ٢٣ مورد الآية.
(٢) الدر المنثور : ٦ / ١١٧.