نعم ، إذا بني على كفاية استيطان ستّة أشهر واحد ـ كما هو المشهور عند المتأخّرين ـ يتحقّق استيطان شرعي مغاير للعرفي ، والعرفي إنّما يكون متوطّنا إذا لم يعرض عن توطّنه ، ويكون متوطّنا فيه بالفعل ، فإذا أعرض وتوطّن في غيره لا جرم يكون مسافرا ، إذا دخله يكون عليه القصر ، إلّا أن ينوي إقامة عشرة ، وهذا هو مراد المشهور.
وعلى هذا لا وجه لاشتراط استيطان ستّة أشهر في العرفي ، لأنّ العرفي دائر مع فعليّة الاستيطان ، لا أنّه مع الإعراض عن توطّنه صادق ـ أيضا ـ متوطّن فيه عرفا ، بل هو فاسد بالبديهة ، وحين فعليّة الاستيطان لا شكّ في كونه في وطنه كلّما دخله ، وإن اتّفق أنّه بدا له في استيطانه فيه قبل تماميّة ستّة أشهر ، بل في الشهر الأوّل أيضا ، بل وأقلّ منه ، إذا كان عزمه التوطّن فيه دائما ثمّ بدا له. فإذا صدق أنّه في منزله وأهله ووطنه عرفا لا جرم لا يجوز له أن يقصّر ، كما أنّه عند استيطانه فعلا في منزله الذي هو ملكه في ظرف ستّة أشهر يجب عليه كلّما دخله أن يتمّ الصلاة فيه ، لما ذكر من أنّه في وطنه ومنزله وأهله الآن.
وإن كان مراد الشهيد وصاحب «المدارك» أنّه إذا اتّخذ البلد دار مقامة على الدوام فحكمه حكم الوطن الشرعي ، حتّى في صورة الإعراض أيضا ، فمع أنّه لا شبهة في فساده ـ سيّما مع تعليلهما الإلحاق بأنّ المسافر بالوصول إليها يخرج عن كونه مسافرا عرفا ـ فاسد من جهة اخرى أيضا ، وهي أنّه على هذا لا يبقى لاشتراط الملكيّة وجه أصلا.
ثمّ اعلم! أنّ المشهور لا يشترطون التوالي في استيطان ستّة أشهر ، وهذا أيضا بعد آخر ، لأنّ المتبادر هو التوالي.
نعم ، لا يقدح الخروج إلى مواضع اخر حتّى إلى السفر ، لأنّه لا ينافي الاستيطان ، بل المنافي إنّما هو ترك الاستيطان.