لاستيطان ستة أشهر المتبادر منها الاستمرار ، فظهر أنّ هذين الخبرين لا يظهر منهما ما يخالف الأخبار الاخر ، ولذا حصر المحقّقون الخبر في فعل المضارع ، منهم خالي العلّامة المجلسي في «البحار» (١) ومنهم المصنّف (٢).
ثمّ اعلم! أنّه ألحق العلّامة رحمهالله في بعض كتبه ، وبعض من تأخّر عنه ، بالوطن المذكور الموضع الذي اتّخذه دار وطن ومقام على الدوام (٣).
ووجهه ظهر ممّا سبق ، بل عرفت أنّ العبرة بالتوطّن ، ولا دخل للملك أصلا ، فهذا داخل في الأخبار الدالّة على اعتبار التوطّن والاستيطان في المنزل الذي يتمّ فيه إذا دخله ، لا أنّه ملحق بالملك ، إذ عرفت عدم دلالة خبر من الأخبار على اعتبار الملك.
فإذا كان الموضع اتّخذ للوطن بأن يكون في كلّ سنة ستّة أشهر فيه فهو وطنه مطلقا عرفا على حسب ما ذكر ، وإن كان وطنه الأصلي الذي سافر منه إلى هذا لم يعرض عنه بعد لم يتأمّل أحد فيه ، وفي أنّه غير مسافر إذا كان فيه.
وأمّا هذا الوطن ، فقد ألحقه بعض الفقهاء بالوطن القاطع للسفر ، وأمّا باقي الفقهاء فما ألحقوا به أيضا ، وفي «الدروس» إلحاقه به (٤) ، وهو أقرب ، فإنّ هذا ممّا لا يتأمّل فيه وإن علّل الإلحاق بصدق عدم المسافريّة عرفا بالدخول فيه ، فهذا وطن ما دام متّخذا ، فلو أعرض عن التوطّن فيه لا يكون وطنه ، فإذا دخله يقصّر إلّا أن ينوي الإقامة ، كما هو الحال في المنزل الذي هو ملكه ، فإنّه لو أعرض عن التوطّن فيه لم يكن وطنه ، فيكون إذا دخله لم يكن في بيته ولم يكن حاضرا ، بل هو غائب
__________________
(١) بحار الأنوار : ٨٦ / ٣٦.
(٢) الوافي : ٧ / ١٦٢ ذيل الحديث ٥٦٨٦.
(٣) نهاية الإحكام : ٢ / ١٧٨ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٠٩.
(٤) الدروس الشرعيّة : ١ / ٢١١.