شائعة ، وفي الغالب لم يعتبر غير الغالب ، لأنّ الإطلاقات الشرعيّة منصرفة إلى الغالب ، فلعلّ المقام أيضا كذلك.
مع أنّ فعليّة الكون في الوطن غير معتبر ، وإلّا لم يتحقّق وطن ، بل المعتبر كونه معدّا للتوطّن ، بأنّه متى شاء يستقرّ ويسكن فيه ، فالمناط هو التهيئة والاستعداد والقابليّة ، كما أشرنا.
سلّمنا تعارف الكلّ ، لكن الشارع ربّما لم يعتبر للقاطعيّة إلّا ما هو استيطان ستّة أشهر دائما لا أقلّ ، كما أنّه اعتبر في المسافة ثمانية وغير ذلك ، مع أنّ السفر معناه عرفي.
مع أنّ المتبادر من لفظ الوطن ليس إلّا الموضع الواحد ، أو الموضعين ـ أيضا ـ في بعض الأمكنة ، فتأمّل جدّا!
وأمّا ما رواه علي بن يقطين ، عن الكاظم عليهالسلام عن الدار تكون للرجل [بمصر] أو الضيعة فيمرّ بها ، قال : «إن كان ممّا قد سكنه أتمّ فيه الصلاة ، وإن كان ممّا لم يسكنه فليقصّر» (١) ، فظاهر أنّ السكون من حيث هو سكون لا عبرة به عند أحد من الفقهاء ، بل العبرة بالتوطّن ، فالمراد إن كان ممّا قد توطّنه ، ومعنى الوطن كونه المقرّ على الدوام ، فالمعنى جعله دار سكناه على الدوام ، وما فيه النزاع ـ وهو الاستيطان بقدر ستّة أشهر فقط ـ خلاف المتبادر من هذا الخبر ، فلا حجّة في هذا الخبر لهم ، ولا يعارض الأخبار الدالّة على الاستمرار التجدّدي.
وعلى تقدير شمول هذا الخبر لمحلّ النزاع ، فمعلوم أنّه من الأفراد النادرة ، لا ينصرف الإطلاق إليها ، سيّما وأن يعارض ويقاوم ما دلّ على الاستمرار المذكور.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢١٢ الحديث ٥١٨ ، الاستبصار : ١ / ٢٣٠ الحديث ٨١٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩٤ الحديث ١١٢٦٤.