ومع أنّه لا يفهم منه سوى العرفي ، مع أنّك عرفت من القاعدة أنّه لا بدّ من الوطن العرفي حتّى يتحقّق خلاف السفر فيتمّ.
وفي صحيحة ابن بزيع ـ أيضا ـ قال عليهالسلام : «إلّا أن يكون له منزل يستوطنه» (١) وسكت ، فلا شكّ في أنّه مراده أيضا هو العرفي ، وإلّا لزم الإغراء بالجهل وغيره ممّا هو قبيح على الحكيم.
ثمّ لمّا رأى ابن بزيع أنّ الوطن العرفي لا يكاد يتحقّق في الضيعة ـ لما ستعرف من أنّه مأخوذ في معناه اللزوم ، وهو متحقّق في وطن الشخص ، لا في ضيعته ـ سأل ما الاستيطان؟ فأجاب بـ «أن يكون فيها له منزل يقيم دائما ستّة أشهر» ، فالدوام وإن كان مأخوذا فيه ، لكن غير مأخوذ فيه وحدة الموضع ، بل يكفي كونهما اثنين ، فالدوام في موضعين يقتضي دوام ستة أشهر في موضع على التوالي أو التفرقة ، لأنّ الدوام في موضعين مع كون المتوطّن واحدا شخصيّا يقتضي عدم قابليّته أزيد من ستّة أشهر في موضع.
فإن قلت : يجوز أن يكون الموضع أزيد من اثنين ، أو يكون اثنين لكنّهما بعيدان بقدر لا يمكن الاستيطان في واحد منهما ستّة أشهر ، أو يكون بناء توطّنه على سبيل الدوام في موضع أزيد من الستّة ، وفي موضع أقلّ ، فعلى أيّ تقدير لا وجه لاعتبار خصوص الستّة في كلّ سنة.
قلت : قد عرفت أنّه لا بدّ من ثبوت القاطع ، والوطن لا يثبت بمجرّد الفرض والتجويز ، بل لا بدّ من المعروفيّة والمعهوديّة عن العرف ، والقدر الثابت هو ما ذكر ، لأنّه غالبا يتحقّق منزل شتاء ومنزل صيف في بلاد كثيرة والوطن فيهما ، وليس أحدهما أولى بالوطنيّة من الآخر ، والفروض الاخر ـ لو كانت ـ فليست بمتعارفة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩٤ الحديث ١١٢٦٦.