يدلّ على اشتراط الملكيّة لقصد إقامة العشرة ، فكما لا يدلّ عليه ، كذا لا يدلّ قوله عليهالسلام : «لا تتمّ في الضيعة والمنزل حتّى تستوطنه» على اشتراط الملكيّة في الاستيطان ، فلا داعي إلى اعتبار الملكيّة ، لأجل اعتبار الاستيطان أصلا.
وليس في الأخبار الدالّة على اعتبار الاستيطان ما يشير إلى ذلك أصلا ، مضافا إلى ما عرفت من عدم مدخليّة الملك في السفر والحضر مطلقا بالبديهة.
وأمّا ما دلّ على اعتبار ستّة أشهر ، فيمكن أن يكون اعتبارها لأنّ يتحقّق التوطّن العرفي الذي يقال عرفا : إنّه في وطنه ، وأنّه حاضر ، بأن يكون عرض السنة ستّة أشهر في موضع متوطّنا وستّة أشهر في موضع آخر ، بأن يكون له بيت وأهل ومنزل في الأوّل ، وبيت وأهل ومنزل في الثاني ، فأيّ وقت دخل في أحد منزليه وأحد بيتيه صدق عرفا أنّه في بيته وفي منزله.
فيكون المراد من قوله عليهالسلام : «يستوطنه» أنّه يستوطنه كلّ سنة ستّة أشهر ـ كما اختاره الصدوق والمصنّف وغيرهما (١) ـ لأنّ فعل المضارع يفيد الاستمرار التجددي.
ولعلّ مراد الصدوق رحمهالله ـ أيضا ـ هو ما ذكرناه ، لا أنّ الملكيّة شرط ، إذ لا يظهر ذلك من عبارته.
والحاصل ، أنّ الكلام في القواطع ، والأصل في المسافر القصر حتّى يثبت القاطع ، وهو ثلاثة ـ بالنصّ والإجماع ـ : الوطن ، وما هو بمنزلته شرعا من قصد الإقامة ، والتردّد ثلاثين يوما ، والوطن هو الوطن العرفي جزما ، لا ما هو بمنزلته شرعا ، ولذا لم يذكروا في الأخبار سوى لفظ الوطن والاستيطان ، من دون إظهار كونه بمنزلة الوطن ، كما فعلوا في الأخيرين.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨٨ الحديث ١٣١٠ ، الروضة البهيّة : ١ / ٣٧٢.