وسائر أحاديثهم ، أو المشتهر بين أصحابهم في زمانهم ، والشهرة في غيرهم إنّما تعتبر لكونها كاشفة عن شهرتهم ، واستصحاب الحالة السابقة ، أو القاعدة الثابتة عنهم عليهمالسلام ، أو العقل والوجدان ، أو سائر أحكامهم عليهمالسلام.
وجميع ما ذكر يوجب الأخذ بما دلّ على وجوب القصر لا غير ، كما لا يخفى.
والمراد من الاستصحاب أنّ المسافر قبل دخول هذه الأماكن يجب عليه القصر ، كما سيجيء ، فكذا بعدها ، والقاعدة قولهم عليهمالسلام : «إذا قصّرت أفطرت» (١) الحديث ، والحال أنّ الصوم غير جائز ، كما سيجيء.
وكذا سائر أحكامهم عليهمالسلام ، مثل : علّة القصر ، كذا وأنّ الله تصدق بركعتين ولا يرضى بأن يردّ عليه صدقته ، وغير ذلك ، والبواقي ظاهرة.
لا يقال : ما ورد من أنّ الإتمام في الأربعة من مخزون علم الله ، أو مذخور فيه ، مخالف أيضا لقول العامّة.
لأنا نقول : باقي العلامات تكفي لردّه ، بل واحد منها فضلا عن المجموع ، مع أنّ منطوقه موافق ، فهو أوفق ممّا دلّ على وجوب القصر ، والأوفقيّة معتبرة ، سيّما مع عدم ظهور مخالفة المفهوم.
ألا ترى أنّ بعض الأخبار الإتمام في الحرمين ، بل أكثره كذلك ، وبعضها في ثلاثة أماكن ، ولم يجعلا مخالفين للمشهور ، بل جعلا دليلين لهم.
مع أنّه لا يظهر منه أنّ التخيير في أربعة ، بل اختيار الإتمام فيها ، فإذا كان العامّة كلّهم لا يأبون عن فضيلة الصلاة فيها ، لا يظهر من المفهوم مخالفتهم ، لأنّ الفضيلة ترجّح إكثار الصلاة ، وهو ترجّح الإتمام ، ولذا في أخبارنا ورد هكذا ، فهذا يناسب العامّة لا الخاصّة ، لكون القصر عندهم عزيمة ، فكيف يصير الاستصحاب
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢ / ١٣١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٥٣ الحديث ١١١٤٤.