وروى وكيع عن يوسف بن أبي إسحاق عن أبي السهر قال : كسر رجل من قريش سنّ رجل من الأنصار فاستعدى عليه معاوية ، فقال القريشي : إن هذا داق سني.
قال معاوية : كلا أما تسترضيه ، فلمّا ألحّ عليه الأنصاري ، قال معاوية : شأنك بصاحبك ، وأبو الدرداء جالس.
فقال أبو الدرداء : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من مسلم يصاب بشيء عن جسده فيتصدّق به إلّا رفعه الله به درجة وحطّ به عن خطيئة» (١) [٧٨].
فقال الأنصاري : أنت سمعت بهذا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : نعم سمعته أذناي ووعاه قلبي فعفى عنه.
وروى عوف عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال : جيء بالقاتل الذي قتل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاء به ولي المقتول ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أتعفو؟ قال : لا ، قال : أتأخذ الدية؟ قال : لا ، قال : القتل ، قال : نعم [قال : اذهب ، فذهب] فدعاه فقال : أتعفو؟ قال : لا ، قال : أتأخذ الدية؟ قال : لا ، قال : القتل ، قال : نعم ، قال : اذهب ، فلما ذهب قال : أما لك أن عفوت فإنه يبوء بإثمك ، وإثم صاحبك. قال : فعفي عنه فأرسله ورأيته وهو يجر شسعيه.
وروى عمران عن عدي بن ثابت الأنصاري قال : طعن رجل رجلا على عهد معاوية ، فأعطوه ديتين على أن يرضى. فلم يرض وأعطوه ثلاث ديات فلم يرض.
وحدث رجل عن المسلمين عن النبي صلىاللهعليهوسلم إنه قال : «من تصدّق بدم فما دونه كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق» (٢) [٧٩].
وعن عمر بن نبهان عن جابر بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاث من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء وتزوج من الحور العين حيث (٣) شاء من أدى دينا [خفيا] وعفا عن قاتل وقرأ دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرّات (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)» (٤) [٨٠].
قال أبو بكر : وإحداهن يا رسول الله؟ قال : وإحداهن.
وقال آخرون : عني بذلك الجارح والقاتل ، يعني إذا عفا المجنى عليه عن الجاني فعفوه عن الجاني كفّارة لذنب الجاني لا يؤاخذ به في الآخرة كما أن القصاص كفّارة له كما إن العافي المتصدق فعلى الله تعالى ، قال الله تعالى : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) وهذا قول إبراهيم
__________________
(١) كنز العمال : ١٥ / ١٢ ، ح ٣٩٨٥٠.
(٢) مجمع الزوائد : ٦ / ٣٠٢ وجامع البيان : ٦ / ٣٥٦.
(٣) في المصدر : كم.
(٤) مجمع الزوائد : ٦ / ٣٠١.