(الفضة) والبرّ بالبرّ والتمر بالتمر ، والشعير بالشعير ، والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد».
والتعامل به محرم أيضا لكنه أقل إثما من سابقه.
أسرار تحريم الربا
زعم كثير من المسلمين الذين ذهبوا إلى بلاد الغرب ، بلاد المدنية والحضارة ، ونهلوا من مناهل العلم هناك ، أن تحريم الربا في الإسلام هو العقبة الكئود في مجاراة الأمم الإسلامية للبلاد الغربية في الثروة التي هى مناط العزة والقوة في العصر الحديث ، ويحتجون بأن المسلمين ما منوا بالفقر وذهبت أموالهم إلى أيدى الأجانب إلا بتحريم الربا ، فإنهم لاحتياجهم إلى الأموال يأخذونها من الأجانب بالربا الفاحش ، ومن كان منهم غنيّا لا يعطى ماله بالربا ، فمال الفقير يذهب ، ومال الغنى لا ينمو ، وهم يريدون بذلك أن الدين قد وقف عقبة كاداء في أهم مسألة عمرانية اجتماعية.
وهذه حجة أوهى من بيت العنكبوت ، وأوهام يزينها لهم الشيطان لم يمحصوها حق التمحيص ، فإن المسلمين في هذا العصر لا يحكّمون الدين في شىء من أعمالهم ومكاسبهم ، إذ لو حكموه لما استعانوا بالربا ، ولما جعلوا أموالهم غنائم لغيرهم ، فإن كانوا تركوا الربا لأجل الدين ، فهل هم تركوا الصناعة والتجارة لأجل الدين؟ فالأمم جميعا قد سبقتنا إلى إتقان ذلك ، فلما ذا لانتقن سائر المكاسب لنعوّض على أنفسنا ما فاتنا من الكسب المحرم ، وديننا يدعونا إلى السبق في إتقان كل شىء؟.
وفي الحق أن المسلمين قد نبذوا الدين وراءهم ظهريا ، فلم يبق منه إلا تقاليد وعادات ورثوها من آبائهم وأجدادهم ، فالدين لم يكن عاثقا لهم عن الرقى ، بل هو خير الأديان في الدعوة إلى العمل ، والحث على الكسب كما قال تعالى : «فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ» وقال : «فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ».