ولا اضطراب الحرص ، والجنة : البستان ، والربوة المكان المرتفع من الأرض ، وأشجار الربى أحسن منظرا وأزكى ثمرا للطافة هوائها وفعل الشمس فيها ، وآتت أكلها : أي أعطت صاحبها أكلها ، والاكل كل ما يؤكل والمراد هنا الثمر ، وضعف الشيء مثله ، والطلّ المطر الخفيف ، والإعصار ريح عاصفة تستدير في الأرض ثم تنعكس منها إلى السماء حاملة الغبار فتكون كهيئة العمود ، والنار أي السموم الشديد.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه مثل الذين ينفقون أموالهم ثم يتبعون ذلك بالمنّ والأذى ، ومثل الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ، قفّى على ذلك بذكر مثل الذين ينفقون أموالهم طلبا لرضا ربهم وتزكية لأنفسهم ، فبضدها تتبين الأشياء.
الإيضاح
(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ) أي مثل المنفقين أموالهم ابتغاء رضوانه تعالى ، وتمكينا لأنفسهم في مراتب الإيمان والإحسان باطمئنانها حين البذل حتى يكون ذلك سجية لها ، كمثل جنة جيدة التربة ملتفة الشجر ، عظيمة الخصب ، تنبت كثيرا من الغلات ، نزل عليها مطر كثير فكان ثمرها مثلى ما كانت تغلّ ، وإن لم يصبها الوابل فطلّ ومطر خفيف يكفيها لجودة تربتها وكرم منبتها وحسن موقعها ، وهكذا كثير البر كثير الجود إن أصابه خير كثير أغدق ووسّع في الإنفاق ، وإن أصابه خير قليل أنفق بقدره ، فخيره دائم ، وبره لا ينقطع.
وإنما قال من أنفسهم أي بعض أنفسهم ، ولم يقل لأنفسهم ، لأن إنفاق المال وجه من وجوه التثبيت والطمأنينة ، وبذل الروح وجه آخر ، وكماله ببذل الروح