وحاربوه ودفعوه عن مقامه الذي جعل الله له وجعله له رسول الله صلى الله عليه وآله ، فمن ذلك قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) الآية (١).
وقد تقدم اختصاصها به عليه السلام ، وقوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (٢).
فجعله نفس نبيه صلى الله عليه وآله ، فمن حاربه أو سبه أو دفعه عن مقام الولاء ، فقد فعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله من حيث كان الولاء لهما على حد واحد ، وكانا نفسا واحدة بما قد نطق به الكتاب العزيز ، ومن قول النبي صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فعلي مولاه.
وقوله صلى الله عليه وآله انت مني بمنزلة هارون من موسى.
وبقوله صلى الله عليه وآله انت ولي كل مؤمن بعدى ومؤمنة.
وبقوله صلى الله عليه وآله علي مني وأنا من علي ، ولا يؤدى عني الا انا أو علي.
وغير ذلك في الكتاب العزيز وفي الصحاح من الاخبار.
وقد تقدم بيان ذلك وطرقه ، فلا معنى لاعادته ، فلذلك اورد الله سبحانه وتعالى : النار من حاده وحاربه ودفعه عن مقامه ، ولقوله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام حربك حربي ، وسلمك سلمي ، وقوله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (٣) فلمجموع هذه الامور قال له رسول الله صلى الله عليه وآله ان فيك مثلا من عيسى بن مريم ، ثم فسره تفسيرا بجعل العين واحدة ، فقال : احبته النصارى حتى اتخذوه الها ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وآله حتى انزلوه المنزل الذي ليس له ، وابغضته اليهود حتى بهتوا امه.
فقوم ادعوه الها (٤) ، وقوم جعلوه ولدربه (٥) وهذا اعظم الافتراء واقبح القذف ، وهذه حالة لم تجر لاحد من البشر الا لعيسى وعلي عليهما السلام ، ولم يكن
__________________
(١) المائدة ـ ٥٥.
(٢) آل عمران ـ ٦١.
(٣) المجادلة ـ ٢٠.
(٤) وفي نسخة : اتخذوه الها.
(٥) وفي نسخة : جعلوه ولد زنوة وفي اخرى : ولد زنية.