معروف ، فكيف لا ينجع فيه وفي من معه من الشيعة في فعل الجمعة؟ وأنّهم مع ذلك كانوا يتركون إلى زمان الصادق عليهالسلام ، فعلم بأنّهم يتركونها وأنّهم مشغولون بالترك ، فحثّهم على الفعل.
فكيف التهديدات والتشديدات والتأكيدات في عينيّة الوجوب؟ وأنّه لا يعذر سوى فلان التي رواها زرارة وابن مسلم وأبو بصير ، ونظائرهم من أعاظم الرواة وفقهاء الشيعة ورؤسائهم ، ومع ذلك ما أثّرت فيهم إلى أن اتّفقوا على الترك إلى زمانه ، ويؤثّر فيهم الحثّ الظاهر في عدم الوجوب ، بل كونها مرغّبا فيها.
مضافا إلى أنّ زرارة ونظائره من رواة أحاديث الوجوب العيني ، إذا كانوا ـ العياذ بالله ـ فسّاقا تاركين أشدّ الفرائض عليهم ـ سيّما مع كونهم ممّن يقول ما لا يفعل (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (١) وممّن يأمر بالبرّ وينسى نفسه ، وممّن لا يعمل بما علم ، مع ما ورد في شأن مثله من العقابات والتهديدات والتحذيرات (٢). إلى غير ذلك ـ فكيف تكون أحاديثهم حجّة ، مع الأدلّة الكثيرة على اشتراط العدالة؟ وكيف الوثوق بأقوالهم؟ فيصير تجويز ما ذكر منشأ لاضمحلال دين الشيعة ـ العياذ بالله ـ من تجويز ذلك.
وإن كان تركهم من جهة التقيّة ، فلا شكّ في وجوب هذا الترك ، فكيف كان عليهالسلام يحثّهم على ترك التقيّة؟
مع أنّهم عليهمالسلام دائما كانوا يشكون عن الشيعة في عدم مراعاتهم التقيّة ، ويحذّرون ويخوّفون ، ولمّا سألوهم عن معرفة حدّ التقيّة أحالوها إلى أنفسهم ،
__________________
(١) الصفّ (٦١) : ٣.
(٢) انظر! تفسير العيّاشي : ١ / ٦١ الحديث ٣٧ ، الكافي : ٢ / ٢٩٩ الحديث ١ ، ٣٠٠ الحديث ٢ ـ ٥ ، مجمع البيان : ١ / ٢١٨ (الجزء ١) ، الدر المنثور : ١ / ١٢٦ و ١٢٧ ، مصباح الشريعة : ٣٤٥ و ٣٥٩.