المدارس الانحرافيّة ، بتشييده وإحيائه تلك المدرسة الفقهيّة الإماميّة التي تمتاز في قبال سائر المدارس بخصوصيّة التعقّل والتفكّر ، فكان ذاك انجرّ جميع المدارس المخالفة إلى الاضمحلال بل الزوال والفناء تدريجا ، بعد أن جدّد بناء مدرسة الاعتدال ، واستحقّ بذلك ـ وبكلّ جدارة ـ لقب : مجدّد المذهب (١).
وبعد ، فقد حلّل ـ طاب مضجعه ـ ونقد بتآليفه القيّمة الثمينة بعد أن حكّم لنا المباني الصحيحة والأصليّة للاستنباط ، وقف أمام كلّ الانحرافات والإبداعات الضالّة والمضلّة ، كما أنّه من جهة اخرى قد اهتمّ بشرح المتون الأوّليّة ، وتحشية الاصول الفقهيّة التي أبقتها لنا الأيّام من مصنّفات الأعلام.
والملفت للنظر حقّا أنّه في الوقت الذي قد اشتهر بمواقفه الجادة والحادة أمام المدّ الأخباري ، وكان جديرا بها وموفّقا فيها ، إذ قدّم بذلك خدمة للطائفة لا تنكر. وخدم بذلك المدرسة الفقهيّة الإماميّة في هذا الطريق.
هذا مع مباشرته ـ طاب رمسه ـ للتدريس طوال سنوات مديدة ، وتربيته لجمع كبير من فحول الأعلام ، ومباشرته تأليف كثير من المصنّفات التي لا زالت إلى يومنا هذا محطّ نظر الأعلام ، ولم تبلها لنا الأيّام.
ومن هذا القبيل سفره الجليل «الفوائد الحائريّة» ، وكذا مجموعة «الرسائل الاصوليّة» و «الرسائل الفقهيّة» و «حاشيته على كتاب الوافي للفيض الكاشاني» وكتابنا الحاضر «مصابيح الظلام». وغيرها. وكلّ منها نادر في بابه فريد في نوعه. إلّا أنّ هذا الرجل العظيم كما كان له موقفه المعروف أمام التحجّر والجمود
__________________
(١) سنذكر في ترجمته ـ طاب رمسه ـ أدوار هذا التطوّر العلميّ الذي سايره ـ قدسسره ـ طوال مسيرة العلميّة.