كلّ ذاك باستنادهم إلى منابع الوحي ، وأخذهم باطر القواعد العلميّة المسلّمة ، والقوانين الفنّيّة المقبولة لحلّ ما يطرء لهم من معضلات علميّة ومشكلات اجتماعيّة.
وكلّ ما أحس أحدهم بأحد الخطرين ـ أعني التحجّر والجمود ، أو التحرّر والتجدّد ـ بحيث يخرجه عن القواعد العلميّة ممّا يوجب تحديد الفقه والقواعد الإلهيّة ، وكانت ليد السماء والعناية الربانيّة في أن تبعث في كلّ فترة فقيها دقيقا عالما متعمقا لمواجهة أمثال أحد هذين الخطرين أو هما معا ، ولعلّ من عمد من كان كذلك شيخنا المصنّف استاد الكلّ في الكلّ العلّامة المجدّد الوحيد ـ حقّا ـ الشيخ محمد باقر البهبهاني ـ طاب رمسه ـ الذي استحقّ ـ وبكلّ كفاءة وجدارة ـ مصطلح : المجدّد.
الوحيد ومواجهته للانحراف في مسيرة الاستنباط الفقهي
إنّ هذا الاسم العظيم ـ كان ولا يزال ـ يذكر مقرونا ـ وبكلّ إجلال ـ بما له من مساعي مباركة وجهود جبّارة قام بها قبال الجمود الفكري لطائفة الأخباريّة.
وهذا التفكّر المحظور الذي هيمن على الحوزات العلميّة الشيعيّة طوال قرن من الزمن تلاشا وانمحى ببزوغ نجم هذا الرجل العظيم في سماء الفقاهة والتفكّر والإيمان. وكان للتصلّب العلميّ والعمليّ للمرحوم الوحيد ـ طاب رمسه ـ وإرادته الجبّارة أكبر الأثر في تبيين مفاسد القوم وزيفهم من جهة ، وضلال هذا الطريق وضعفه من جهة اخرى ، ممّا أوجب ـ وبمرور الزمان ـ اضمحلاله وافوله يوما بعد يوم.
فكان ذاك الفقيد الفقيه الفذّ بما حواه من خزائن علميّة وافرة ، وما كان له من توفيق في موقفه ـ وبكلّ شهامة وقدرة علميّة وعمليّة ـ في ميادين التطاحن مع