وتغييره ، أو كشف المناط والملاك المنصوص على لسان الشارع ، أو بتنقيح المناط القطعى مستندا فيه إلى العمومات والمطلقات ومستعينا بها ومطبقا لها على المصاديق ، وإلّا للزم الهرج والمرج العلميّ في غير هذه الصورة ، مع ما في ذاك من خروج قطعي عن القواعد المقرّرة وما مستند هؤلاء إلّا مجموعة من الأدلّة الخطابيّة إن صحّ التعبير عنها ب : الأدلّة. مع أنّ الاجتهاد ـ الذي هو بمعنى السعي المنظّم ـ له قواعده المقرّرة ، واسلوبه الخاصّ لأخذ النتيجة. وهذا أمر مسلّم ومقبول عند علماء جميع الفنون العلميّة.
ومن هؤلاء من استدل بمثل هذا السفاسف بالنسبة لجواز تاخير بلوغ البنت إلى ثلاثة عشر سنة ، بذريعة أن يقال : كيف يسوغ لو سرقت هذا البنت المسكينة في سنة التاسع أن تقطع يدها؟! أو إنّها تصوم طوال يوم صائف ذو أربعة عشر ساعة من الحرّ القارص؟! أو إنّها تبكّر إلى صلاة الصبح مع طفولتها؟! أو. إلى آخره.
ويمكن الجواب عن أمثال هذا التوهمات المضحكة باستدلالات اخر خطابيّة متشابهة لها بالاستفادة من كلمة «بلوغ» ، بأن يقال : بأنّ هذه البنت ـ بل نوع جنس المرأة ـ لها قابليّة توجّه الخطابات الإلهيّة في هذا السنّ المبكر ، وهذا نوع امتياز للمرأة ومنزلة لها لم يحظ بها الرجل ، لا أنّه نوع كلفة وثقل عليها. وإلّا لما كلّفها سبحانه وتعالى بذلك. فلما ذا لا نركز على هذه القابليّة الإلهيّة ، ونسلبها هذه العناية الربانيّة بذريعة هذه السفسطات والتوهمات الخياليّة التي عدوّها أدلّة لجواز تأخير رشدها وبلوغها.؟!
ومن الواضح أنّ أمثال هذه البراهين الخطابيّة لا يمكن الأخذ بها أو تكون بدليّة عن البراهين العقليّة. لا في الفقه فقط ، بل في سائر العلوم. نعم ، قد تنفع لإقناع بعض العوام والسذج ، كما أنّ من البديهي أنّ مثل هذا يعدّ خروجا عن