وتعليلها بهذا الشكل يوجب إبطال الشريعة ومحقها ، والطريف إنّ صدر الرواية ناظر إلى بيان أمر طالما تشدّق به بعض المعاصرين في توحيد دية الرجل والمرأة! ونقل عنه ـ استدلالات لإثبات دعواه ـ معتبرا بأدلّة مدّعاة لإثبات تشريعاته ، كقوله بقضاء إطلاق أدلّة الدية وعدم الدليل على التقييد.! وهذا غريب ، إذ يكفيه للتقييد هذه الرواية الصحيحة الصريحة ، فضلا عن ثلاثة عشر رواية اخرى أكثرها تامّة السند مدرجة في نفس هذا الباب.
وأيضا : حكي عنه دعواه كون هذا الحكم ـ أعني عدم التنصيف ـ ظلم! (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١)! وهو شيء مضحك حقّا ، إذ لو جرت عمومات القرآنيّة واصبحت مستندا لمثل هذه الأحكام الشرعيّة لكان الأولى به أن يستدل ب : (حسبنا كتاب الله) ، مضافا إلى أنّه لو عدّ مثل هذا الحكم ظلما لكان قوله سبحانه وتعالى : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (٢) في باب الميراث ظلم أكبر. وما العمل في هذا الحال عند ما يتعارض عمومين في الكتاب؟!
ونضيف هنا أيضا بأن نفي الظلم من كلامه سبحانه وتعالى ليس بمعنى التساوي ، حيث إنّ مقابل الظلم ؛ العدل ، وهو ـ على ما هو المعروف وتلقّاه الأصحاب بالقبول ـ : هو إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه ، ومن الواضح أنّ الدية من الحقوق المجعولة ، والجاعل بحسب المصلحة المخفيّة علينا قد جعل وقرّر حقّ المرأة بهذا الشكل ، ولا يعدّ مثل هذا مصداقا للظلم قطعا؟! ولا يصح إنكار الروايات المستفيضة فيه بصرف توهّم معارضتها مع عموم الكتاب ، إذ لا يوجب مثل ذاك
__________________
(١) آل عمران (٣) : ١٨٢.
(٢) النساء (٤) : ١١.