الأحكام الشرعيّة بشكل بحيث أنّ لها أسرار ورموز لو بيّنت تلك الأسرار للعقل لأقرّ العقل ضرورة تلك الأحكام.
وهذا التوجيه ليس إنكارا لقاعدة الملازمة ، حيث هي ناظرة إلى الكشف القطعي واليقيني الذي هو مقبول عقول جميع العقلاء ، ولا يتردّد فيه العاقل البتة. نعم ، في مثل هذه الموارد تعدّ قاعدة الملازمة مقبولة بلا كلام.
وهو مجرد فرض ؛ حيث إن طريق الكشف عن الواقع والوصول إليه مسدود ، وما ورد في ذلك قليل ، بل نادر.
وعليه ؛ فما كان من الاستدلال مبنيّ على هذه القاعدة كان مردودا جزما ومرفوضا حتما.
ثمّ إنّ التأمل في هذه الرواية الصحيحة المرويّة في «الكافي» عن علي بن إبراهيم ـ بإسناده ـ عن أبان بن تغلب ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة ، كم فيها؟ قال : «عشرة من الإبل» ، قلت : قطع اثنين؟ قال : «عشرون» ، قلت : قطع ثلاثا؟ قال : «ثلاثون» ، قلت : قطع أربعا؟ قال : «عشرون» ، قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟! إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله ونقول : الذي جاء به الشيطان ، فقال : «مه يا أبان! هكذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ المرأة تقابل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف ، يا أبان! إنّك أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست محق الدين» (١) كاف في المقام ، حيث إنّها صريحة في أنّ الإمام الصادق عليهالسلام قد صرّح في ذيلها أنّ تحليل المسائل الشرعيّة
__________________
(١) الكافي : ٧ / ٢٩٩ و ٣٠٠ الحديث ٦.