عنهم عليهمالسلام في حكم كثير الشكّ في الصلاة : «لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد» (١) ، هذا وأمثال ذلك. والحقّ أنّه حجّة إذا كان بحيث يفهمه أهل العرف ، أو يكون المناط منقّحا (٢).
حيث يستفاد من هذا بوضوح أنّ إحراز مناط حكم في موضوع قابل للسراية إلى موضوع آخر ، سواء اكان الموضوع عباديّا أم غيره ، ولإحراز كشف المناط لا ريب في كون العوامل الزمانيّة والمكانيّة دخيلة فيه. وإحراز المناط المنصوص وتعميمه وتسريته أمر متّفق عليه ، ولكن البحث في أنّه في موضوع لم ينصّ الشارع فيه على ملاك أو مناط ، بل جعل الحكم بما أنّه شارع ومقنّن فقط ، ففي مثل هذا هل يمكن ادّعاء مناط يكون ذاك موجبا لسريان الحكم إلى سائر الموارد أم لا؟ أو يدّعى إنّ ذلك المناط المنصوص لا ينطبق اليوم لما حكم الشارع به ، وعليه فلا حكم له ويكون بذلك منتفيا أم لا؟
الحقّ فيه إنّ العقول البشريّة عاجزة بل قاصرة عن الإحاطة بتمام مناطات الأحكام ، ولا تجد من يدّعي جزما أو يقطع في مورد أنّ ملاك الحكم الفلاني ـ سواء أكان إيجابيّا أو تحريميّا ، بل حتّى الاستحبابي والكراهتي ـ هو بنفس الفلسفه والعلّة التي أدركتها أنا دون غيرها. إذ في تلك الحال كما يحتمل فيها أنّ ملاك الحكم فيه هو ذاك كذا قد يكون هناك احتمال آخر قد غفل عنه. وعليه فلا يمكن الجزم بذلك ، ولا يكون كلّ ما حكم به الشرع يجب أن يحكم به العقل ، وما لم يحكم لا يعدّ حكما شرعيا.!
بل معنى هذه العبارة المعروفة : «كلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل» هو أن
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٨ الحديث ١٠٤٩٦.
(٢) الفوائد الحائريّة : ٤٥١ و ٤٥٢ (الفائدة ٢٣).