الواقعيّ الذاتي للأشياء ، وإلّا فإذا كان ثبوت الشريعة مستندا إلى الطرق الشرعيّة فما هو البرهان على وجوب قبول ذلك الطريق فلا بدّ أن يكون ذلك الطريق منتها إلى مستند عقلي حذرا من التسلسل إلى غير النهاية.
وعلى كلّ ؛ فيلزم قبول أنّ أساس جعل الشرائع الإلهيّة والأحكام الشرعيّة تابع للملاكات الواقعيّة.
مضافا لذلك أنّ ما قرّرناه قد تضافرت عليه الأحاديث وجاء فيها بألسنة متعدّدة ، نظير ما نقله الشيخ الصدوق رحمهالله في «علل الشرائع» عن محمد بن سنان إن أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام كتب إليه ـ بما في هذا الكتاب جواب كتابه إليه يسأله عنه ـ «جاءني كتابك تذكر أنّ بعض أهل القبلة يزعم أنّ الله تبارك وتعالى لم يحل شيئا ولم يحرّمه لعلّة أكثر من التعبّد لعباده بذلك قد ضلّ من قال ذلك ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا. إلى أن قال : إنّا وجدنا كلّ ما أحلّ الله تبارك وتعالى ففيه صلاح العباد وبقاؤهم ، ولهم إليه الحاجة التي لا يستغنون عنها ، ووجدنا المحرّم من الأشياء لا حاجة بالعباد إليه ، ووجدناه مفسدا داعيا إلى الفناء والهلاك.» (١).
وبعد أن ثبت أنّ الأحكام الشرعيّة لها مناطاتها الخاصّة وملاكاتها الواقعيّة ، وكذا ظهر بطلان ما ذهب إليه الأشاعرة ومن تبعهم ، فلنسأل : هل يمكن لشخص أن يدعي أنّه يمكنه إدراك ملاكات ومناطات الأحكام الشرعيّة؟! حيث لا شكّ أنّ كلّما ذكر الشارع المقدّس حكما معلّلا بذكر دليله وفلسفته ، صحّ تعميم الحكم إلى الموارد الاخرى المشتملة للمناط له ، إذ مع لحاظ وجود المناط في موضوع آخر
__________________
(١) علل الشرائع : ٥٩٢ الحديث ٤٣.