اما لو كان الموضوع بنحو القضايا الخارجيّة فلا يستحيل تقنين أحكام متضادة أو متناقضة على عنوان واحد باعتبارات مختلفة.
ولتقريب الموضوع نومي إلى بعض الأمثلة ، حيث عند ما نجد حكم الشارع المقدّس بأنّ الخمر حرام ، أو لحم الغنم حلال. فإنّ مراده هو : طبيعة المائع الخمري أو طبيعة لحم الغنم. وما دام هذان العنوانان كلّيان منطبقان على كل مصداق تترتّب عليه نفس الأحكام بلا فرق ، ولا يمكن مع حفظ هذا العنوان ترتيب حكم آخر عليه مناقض للحكم الأوّل ، بخلاف ما لو قال : إنّ غنم البلد الفلاني حلال. فإنّ هذه قضيّة خارجيّة ، وإن قلنا بحرمة أغنام بلدة اخرى ، فهو غير ناف للحكم الاول ، نعم في مثل هذه القضيّة الحقيقيّة لو تبدّل العنوان ـ بأن صار المائع الخمري مثلا بعد ذهاب ثلثيه خلا ـ ارتفع حكمه الأولي لتبدّل الموضوع ، ولا ريب أنّ هناك عوامل عديدة في تبدّل التكليف بالنسبة إلى الموضوعات المختلفة ، نذكر بعضا منها :
أ : العرف ؛
قد علم ممّا سلف بيانه أنّ التكاليف التي خاطب بها الشارع المقدّس الناس أراد بها عموم المكلّفين وعامّة الناس ، وأوكل تشخيص الموضوعات إليهم إلّا في المواضيع المستنبطة ، فلو تغيّر موضوع حكم في نظر العرف ؛ بأن شهدا لعرف ـ مثلا ـ أنّ هذا العنوان لا ينطبق اليوم على هذا المصداق ، فلا يشمله حكمه المذكور طبعا ، كما لا يكون حكم الشارع المقدّس ناظرا إليه ؛ فمثلا حكم حرمة التعامل بالدم عند قدماء فقهائنا ـ رضوان الله عليهم ـ معلّلا بكونه نجسا ، والنجس مسلوب المنفعة العقلائيه. وما كان كذلك لا يجوز التعامل عليه بلا كلام ولذا حكموا بما حكموا. أمّا اليوم ؛ فإنّ العرف لا يرى ذلك ، بل عنده إنّ الدم له منفعة وفائدة ـ بل جملة فوائد ـ قطعا ، وحيث أنّ الموضوع قد تبدّل هنا حتما في نظر العرف ، فلا